ابن خمارويه، وإذنه له في ذلك ومصالحته له فيها. وفيها غزا ابن الإخشيد بأهل طرسوس بلاد الروم ففتح الله على يديه حصونا كثيرة ولله الحمد
[وفيها توفى من الأعيان.]
[إبراهيم بن إسحاق]
ابن بشير بن عبد الله بن رستم أبو إسحاق الحربي، أحد الأئمة في الفقه والحديث وغير ذلك، وكان زاهدا عابدا تخرج بأحمد بن حنبل، وروى عنه كثيرا. قال الدار قطنى: إبراهيم الحربي إمام مصنف عالم بكل شيء بارع في كل علم، صدوق، كان يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وورعه وعلمه، ومن كلامه أجمع عقلاء كل أمة أن من لم يجر مع القدر لم يتهن بعيشه. وكان يقول: الرجل كل الرجل الّذي يدخل غمه على نفسه ولا يدخله على عياله، وقد كانت بى شقيقة منذ أربعين سنة ما أخبرت بها أحدا قط، ولى عشرون سنة أبصر بفرد عين ما أخبرت بها أحدا قط، وذكر أنه مكث نيفا وسبعين سنة من عمره ما يسأل أهله غداء ولا عشاء، بل إن جاءه شيء أكله وإلا طوى إلى الليلة القابلة. وذكر أنه أنفق في بعض الرمضانات على نفسه وعياله درهما واحدا وأربعة دوانيق ونصف، وما كنا نعرف من هذه الطبائخ شيئا إنما هو باذنجان مشوى أو باقة فجل أو نحو هذا، وقد بعث إليه أمير المؤمنين المعتضد في بعض الأحيان بعشرة آلاف درهم فأبى أن يقبلها وردها، فرجع الرسول وقال يقول لك الخليفة: فرقها على من تعرف من فقراء جيرانك. فقال: هذا شيء لم نجمعه ولا نسأل عن جمعه، فلا نسأل عن تفريقه، قل لأمير المؤمنين إما يتركنا وإما نتحول من بلده. ولما حضرته الوفاة دخل عليه بعض أصحابه يعوده فقامت ابنته تشكو إليه ما هم فيه من الجهد وأنه لا طعام لهم إلا الخبز اليابس بالملح، وربما عدموا الملح في بعض الأحيان. فقال لها إبراهيم: يا بنية تخافين الفقر؟ انظري الى تلك الزاوية فيها اثنى عشر ألف جزء قد كتبتها، ففي كل يوم تبيعي منها جزء بدرهم فمن عنده اثنى عشر ألف درهم فليس بفقير. ثم كانت وفاته لسبع بقين من ذي الحجة وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي عند باب الأنبار، وكان الجمع كثيرا جدا.
المبرد النحويّ
محمد بن يزيد بن عبد الأكبر أبو العباس الأزدي الثمالي المعروف بالمبرد النحويّ البصري إمام في اللغة والعربية، أخذ ذلك عن المازني وأبى حاتم السجستاني، وكان ثقة ثبتا فيما ينقله وكان مناوئا لثعلب وله كتاب الكامل في الأدب، وإنما سمى بالمبرد لأنه اختبأ من الوالي عند أبى حاتم تحت المزبلة. قال المبرد: دخلنا يوما على المجانين تزورهم أنا وأصحاب معى بالرقة فإذا فيهم شاب قريب العهد بالمكان عليه ثياب ناعمة فلما بصر بنا قال حياكم الله ممن أنتم؟ قلنا من أهل العراق. فقال:
بأبي العراق وأهلها أنشدونى أو أنشدكم؟ قال: المبرد: بل أنشدنا أنت فأنشأ يقول: