الله سن اليوم وغير غدا، فقال عيينة: لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي رسول الله ﷺ ليستغفر له فقال رسول الله ﷺ«لا غفر الله لك» فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت له سابعة حتى مات فدفنوه فلفظته الأرض فجاءوا النبي ﷺ فذكروا ذلك له فقال «إن الأرض لتقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله أراد أن يعظكم من حرمتكم» ثم طرحوه في جبل فالقوا عليه من الحجارة ونزلت ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ الآية. وقد ذكره موسى بن عقبة عن الزهري ورواه شعيب عن الزهري عن عبد الله ابن وهب عن قبيصة بن ذؤيب نحو هذه القصة إلا انه لم يسم محلم بن جثامة ولا عامر بن الأضبط وكذلك رواه البيهقي عن الحسن البصري بنحو هذه القصة وقال وفيه نزل قوله تعالى ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ الآية.
قلت: وقد تكلمنا في سبب نزول هذه الآية ومعناها في التفسير بما فيه الكفاية ولله الحمد والمنة
[سرية عبد الله بن حذافة السهمي]
ثبت
في الصحيحين من طريق الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن على بن أبى طالب قال: استعمل النبي ﷺ رجلا من الأنصار على سرية بعثهم وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، قال فاغضبوه في شيء فقال أجمعوا لي حطبا فجمعوا فقال أوقدوا نارا فأوقدوا ثم قال ألم يأمركم رسول الله ﷺ أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا بلى قال فادخلوها قال فنظر بعضهم الى بعض وقالوا إنما فررنا إلى رسول الله ﷺ من النار، قال فسكن غضبه وطفئت النار، فلما قدموا على النبي ﷺ ذكروا ذلك له فقال «لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف» وهذه القصة ثابتة أيضا في الصحيحين من طريق يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقد تكلمنا على هذه بما فيه كفاية في التفسير ولله الحمد والمنة بسم الله الرحمن الرحيم
[عمرة القضاء]
ويقال القصاص ورجحه السهيليّ ويقال عمرة القضية فالأولى قضاء عما كان أحصر عام الحديبيّة والثاني من قوله تعالى ﴿وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ﴾ والثالث من المقاضاة التي كان قاضاهم عليها على أن يرجع عنهم عامه هذا ثم يأتى في العام القابل ولا يدخل مكة الا في جلبان (١) السلاح وأن لا يقيم أكثر من ثلاثة أيام وهذه العمرة هي المذكورة في قوله تعالى في سورة الفتح المباركة
(١) الجلبان بضم الجيم وسكون اللام شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف وقيل القوس والسيف ونحوه.