للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامر هل لكم أن تأخذوا منا الآن خمسين بعيرا وخمسين إذا رجعنا الى المدينة؟» فقال عيينة بن بدر: والله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحزن مثل ما أذاق نسائي، فقال رجل من بنى ليث يقال له ابن مكيتل وهو قصير من الرجال فقال: يا رسول الله ما أجد لهذا القتيل شبها في غرة الإسلام إلا كغنم وردت فشربت (١) أولاها فنفرت أخراها استن اليوم وغير غدا، فقال رسول الله «هل لكم أن تأخذوا خمسين بعيرا الآن وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة؟» فلم يزل بهم حتى رضوا بالدية، فقال قوم محلم بن جثامة ايتوا به حتى يستغفر له رسول الله قال فجاء رجل طوال ضرب اللحم في حلة قد تهيأ فيها للقتل فقام بين يدي النبي فقال النبي «اللهمّ لا تغفر لمحلم» قالها ثلاثا، فقام وإنه ليتلقى دموعه بطرف ثوبه.

قال محمد بن إسحاق: زعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك. وهكذا رواه أبو داود من طريق حماد ابن سلمة عن ابن إسحاق، ورواه ابن ماجة عن أبى بكر بن أبى شيبة عن أبى خالد الأحمر عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن زيد بن ضميرة عن أبيه وعمه فذكر بعضه، والصواب كما رواه ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن زياد بن سعد بن ضميرة (٢) عن أبيه وعن جده وهكذا رواه أبو داود من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبى الزناد وعن عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر عن زياد بن سعد بن ضميرة عن أبيه وجده بنحوه كما تقدم.

وقال ابن إسحاق: حدثني سالم أبو النضر أنه قال لم يقبلوا الدية حتى قام الأقرع بن حابس فخلا بهم وقال يا معشر قيس سألكم رسول الله قتيلا تتركونه ليصلح به بين الناس فمنعتموه إياه أفأمنتم أن يغضب عليكم رسول الله فيغضب الله لغضبه ويلعنكم رسول الله فيلعنكم الله بلعنته لكم، لتسلمنه إلى رسول الله أو لآتين بخمسين من بنى تميم كلهم يشهدون أن القتيل كافر ما صلّى قط فلا يطلبن دمه، فلما قال ذلك لهم أخذوا الدية. وهذا منقطع معضل وقد

روى ابن إسحاق عمن لا يتهم عن الحسن البصري أن محلما لما مجلس بين يديه قال له «أمنته ثم قتلته؟» ثم دعا عليه، قال الحسن فو الله ما مكث محلم الا سبعا حتى مات فلفظته الأرض ثم دفنوه فلفظته الأرض ثم دفنوه فلفظته الأرض، فرضموا عليه من الحجارة حتى واروه فبلغ رسول الله فقال ان الأرض لتطابق على من هو شر منه ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم ما بينكم لما أراكم منه»

وقال ابن جرير ثنا وكيع ثنا جرير عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: بعث رسول الله محلم بن جثامة مبعثا فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام - وكانت بينهم هنة في الجاهلية - فرماه محلم بسهم فقتله فجاء الخبر إلى رسول الله فتكلم فيه عيينة والأقرع فقال الأقرع: يا رسول


(١) في ابن هشام: فرميت
(٢) كذا في الأصل والخلاصة وفي ابن هشام: زياد بن ضميرة بن سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>