للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيض الوجوه ترى بطون أكفهم … تندى إذا اعتذر الزمان الممحل

وبهداهم رضى الآله لخلقه … وبجدهم (١) نصر النبي المرسل

[كتاب بعث رسول الله الى ملوك الآفاق وكتبه اليهم يدعوهم الى الله ﷿ وإلى الدخول في دين الإسلام]

ذكر الواقدي أن ذلك كان في آخر سنة ست في ذي الحجة بعد عمرة الحديبيّة، وذكر البيهقي هذا الفصل في هذا الموضع بعد غزوة مؤتة والله أعلم. ولا خلاف بينهم أن بدء ذلك كان قبل فتح مكة وبعد الحديبيّة لقول أبى سفيان لهرقل حين سأله هل يغدر فقال لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها. وفي لفظ البخاري وذلك في المدة التي مادّ فيها أبو سفيان رسول الله . وقال محمد بن إسحاق: كان ذلك ما بين الحديبيّة ووفاته . ونحن نذكر ذلك هاهنا وإن كان قول الواقدي محتملا والله أعلم. وقد روى مسلم عن يوسف بن حماد المعنى عن عبد الأعلى عن سعيد ابن أبى عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله كتب قبل مؤتة الى كسرى وقيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله ﷿ وليس بالنجاشي الّذي صلّى عليه. وقال يونس ابن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس حدثني أبو سفيان من فيه إلى فىّ قال: كنا قوما تجارا وكانت الحرب قد حصرتنا حتى نهكت أموالنا، فلما كانت الهدنة - هدنة الحديبيّة - بيننا وبين رسول الله لا نأمن إن وجدنا أمنا، فخرجت تاجرا إلى الشام مع رهط من قريش فو الله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا الا وقد حملني بضاعة، وكان وجه متجرنا من الشام غزة من أرض فلسطين فخرجنا حتى قدمناها وذلك حين ظهر قيصر صاحب الروم على من كان في بلاده من الفرس فأخرجهم منها ورد عليه صليبه الأعظم وقد كان استلبوه إياه، فلما أن بلغه ذلك وقد كان منزله بحمص من الشام فخرج منها يمشى متشكرا إلى بيت المقدس ليصلّى فيه تبسط له البسط ويطرح عليها الرياحين، حتى انتهى إلى إيلياء فصلّى بها فأصبح ذات غداة وهو مهموم يقلب طرفه إلى السماء، فقالت له بطارقته أيها الملك لقد أصبحت مهموما؟ فقال أجل، فقالوا وما ذاك؟ فقال أريت في هذه الليلة أن ملك الختان ظاهر، فقالوا والله ما نعلم أمة من الأمم تختتن الا اليهود وهم تحت يديك وفي سلطانك فان كان قد وقع ذلك في نفسك


(١) كذا في الأصول وفي ابن هشام: بحدهم بالحاء المهملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>