إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا الْوَلِيدُ وَعَمْرٌو- يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ- قَالَا: ثَنَا ابْنُ جَابِرٍ سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ الْخَبَائِرِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول «بينا أنا نائم إذا أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا فَقَالَا اصْعَدْ، فَقُلْتُ لَا أُطِيقُهُ فَقَالَا إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ قَالَ فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا أَنَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ فَقُلْتُ مَا هَؤُلَاءِ الْأَصْوَاتُ؟ فَقَالَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ انْطَلَقَا بِي فَإِذَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا فَقُلْتُ مَا هَؤُلَاءِ؟
فَقَالَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ فَقَالَ خَابَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» قال سليم سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ مِنْ رَأْيِهِ؟ «ثُمَّ انْطَلَقَا بِي فَإِذَا قَوْمٌ أَشَدُّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا وَأَنْتَنُ شَيْءٍ رِيحًا كَأَنَّ رِيحَهُمُ الْمَرَاحِيضُ قُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَا هَؤُلَاءِ قَتْلَى الْكُفَّارِ ثُمَّ انْطَلَقَا بِي فَإِذَا بقوم أشد انتفاخا وأنتن شيء ريحا كأن ريحهم المراحيض قُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الزَّانُونَ وَالزَّوَانِي ثم انطلقا بى فإذا بنساء ينهش ثُدِيَّهُنَّ الْحَيَّاتُ فَقُلْتُ مَا بَالُ هَؤُلَاءِ؟ قَالَا هَؤُلَاءِ اللَّاتِي يَمْنَعْنَ أَوْلَادَهُنَّ أَلْبَانَهُنَّ ثُمَّ انْطَلَقَا بِي فَإِذَا بِغِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ بَيْنَ بَحْرَيْنِ قُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَا هَؤُلَاءِ ذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ أَشْرَفَا بِي شَرَفًا فَإِذَا بِنَفَرٍ ثَلَاثَةٍ يَشْرَبُونَ مِنْ خَمْرٍ لَهُمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَا هذا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وعبد الله ابن رَوَاحَةَ ثُمَّ أَشْرَفَا بِي شَرَفًا آخَرَ فَإِذَا أَنَا بِنَفَرٍ ثَلَاثَةٍ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَا هذا إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ.
فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّا بُكِيَ بِهِ أَصْحَابُ مُؤْتَةَ قَوْلُ حَسَّانَ:
تَأَوَّبَنِي لَيْلٌ بِيَثْرِبَ أَعْسَرُ ... وَهَمٌّ إِذَا مَا نَوَّمَ النَّاسُ مُسْهِرُ
لِذِكْرَى حَبِيبٍ هَيَّجَتْ لِيَ عَبْرَةً ... سَفُوحًا وَأَسْبَابُ الْبُكَاءِ التَّذَكُّرُ
بَلَى إِنَّ فُقْدَانَ الْحَبِيبِ بَلِيَّةٌ ... وَكَمْ مِنْ كَرِيمٍ يُبْتَلَى ثُمَّ يَصْبِرُ
رَأَيْتُ خِيَارَ الْمُسْلِمِينَ تَوَارَدُوا ... شُعُوبًا وَخَلْفًا بَعْدَهُمْ يَتَأَخَّرُ
فَلَا يُبْعِدَنَّ اللَّهُ قَتْلَى تَتَابَعُوا [١] ... بِمُؤْتَةَ مِنْهُمْ ذُو الْجَنَاحَيْنِ جَعْفَرُ
وَزَيْدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ حِينَ تَتَابَعُوا [١] ... جَمِيعًا وَأَسْبَابُ الْمَنِيَّةِ تَخْطِرُ
غَدَاةَ مَضَوْا بِالْمُؤْمِنِينَ يَقُودُهُمْ ... إِلَى الْمَوْتِ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ أَزْهَرُ
أَغَرُّ كَضَوْءِ الْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... أَبِيٌّ إِذَا سِيمَ الظُّلَامَةَ مِجْسَرُ
فَطَاعَنَ حَتَّى مال غير مؤسد ... بمعترك فيه القنا متكسر
[١] في الأصول في الموضعين: تبايعوا والتصحيح من ابن هشام.