للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة خزاعة وخبر عمرو بن لحي وعبادة الأصنام بأرض العرب]

قال ابن إسحاق: ثم أن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بنى بكر بن عبد مناة، وكان الّذي يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشانى وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون في قومهم من بنى كنانة. قالوا: وإنما سميت خزاعة خزاعة لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام فنزلوا بمر الظهران فأقاموا به. قال عون بن أيوب الأنصاري ثم الخزرجي في ذلك:

فلما هبطنا بطن مر تخزعت … خزاعة منا في حلول كراكر

حمت كل واد من تهامة واحتمت … بصم القنا والمرهفات البواتر

وقال أبو المطهر إسماعيل بن رافع الأنصاري الأوسي:

فلما هبطنا بطن مكة أحمدت … خزاعة دار الآكل المتحامل

فحلت أكاريسا وشتت قنابلا … على كل حي بين نجد وساحل

نفوا جرهما عن بطن مكة واحتبوا … بعز خزاعيّ شديد الكواهل

فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول ابن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي الّذي تزوج قصي بن كلاب ابنته حبي فولدت له بنيه الأربعة عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى وعبدا، ثم صار أمر البيت اليه كما سيأتي بيانه وتفصيله في موضعه إن شاء الله تعالى وبه الثقة. واستمرت خزاعة على ولاية البيت نحوا من ثلاثمائة سنة وقيل خمسمائة سنة والله أعلم. وكانوا سوس (١) في ولايتهم وذلك لأن في زمانهم كان أول عبادة الأوثان بالحجاز وذلك بسبب رئيسهم عمرو بن لحي لعنه الله فإنه أول من دعاهم إلى ذلك وكان ذا مال جزيل جدا.

يقال: انه فقأ أعين عشرين بعيرا وذلك عبارة عن أنه ملك عشرين ألف بعير وكان من عادة العرب أن من ملك ألف بعير فقأ عين واحد منها لانه يدفع بذلك العين عنها. وممن ذكر ذلك الأزرقي وذكر السهيليّ: أنه ربما ذبح أيام الحجيج عشرة آلاف بدنة وكسى عشرة آلاف حلة في كل سنة يطعم العرب ويحيس لهم الحيس بالسمن والعسل ويلت لهم السويق. قالوا: وكان قوله وفعله فيهم كالشرع المتبع لشرفه فيهم ومحلته عندهم وكرمه عليهم.

قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره


(١) كذا بالأصل ولعلها: وكانوا قوم سوء في ولايتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>