للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَى نَحْنُ كُنَّا أَهْلَهَا فَأَزَالَنَا ... صُرُوفُ اللَّيَالِي وَالْجُدُودُ الْعَوَاثِرُ

وَكُنَّا وُلَاةَ الْبَيْتِ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ ... نَطُوفُ بِذَاكَ الْبَيْتِ وَالْخَيْرُ ظَاهِرُ

وَنَحْنُ وَلِينَا الْبَيْتَ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ ... بِعِزٍّ فَمَا يَحْظَى لَدَيْنَا الْمُكَاثِرُ

مَلَكْنَا فَعَزَّزْنَا فَأَعْظِمْ بِمُلْكِنَا ... فَلَيْسَ لِحَيٍّ غَيْرِنَا ثَمَّ فَاخِرُ

أَلَمْ تُنْكِحُوا مِنْ خَيْرِ شَخْصٍ عَلِمْتُهُ ... فَأَبْنَاؤُهُ مِنَّا وَنَحْنُ الأصاهر

فان تنثني الدُّنْيَا عَلَيْنَا بِحَالِهَا ... فَإِنَّ لَهَا حَالًا وَفِيهَا التَّشَاجُرُ

فَأَخْرَجَنَا مِنْهَا الْمَلِيكُ بِقُدْرَةٍ ... كَذَلِكَ يَا لَلنَّاسِ تَجْرِي الْمَقَادِرُ

أَقُولُ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّ وَلَمْ أَنَمْ ... أَذَا الْعَرْشِ لَا يَبْعُدْ سُهَيْلٌ وعامر

وبدلت منها أو جهالا أُحِبُّهَا ... قَبَائِلُ مِنْهَا حِمْيَرٌ وَيَحَابِرُ

وَصِرْنَا أَحَادِيثًا وَكُنَّا بِغِبْطَةٍ ... بِذَلِكَ عَضَّتْنَا السُّنُونُ الْغَوَابِرُ

فَسَحَّتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ تَبْكِي لِبَلْدَةٍ ... بِهَا حَرَمٌ أَمْنٌ وَفِيهَا الْمَشَاعِرُ

وَتَبْكِي لِبَيْتٍ لَيْسَ يُؤْذَى حَمَامُهُ ... يَظَلُّ بِهِ أَمْنًا وَفِيهِ الْعَصَافِرُ

وَفِيهِ وُحُوشٌ لَا تُرَامُ أَنِيسَةٌ ... إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ فَلَيْسَتْ تُغَادِرُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ أَيْضًا يَذْكُرُ بَنِي بَكْرٍ وَغُبْشَانَ الَّذِينَ خَلَفُوا بَعْدَهُمْ بِمَكَّةَ:

يَا أَيُّهَا الناس سيروا إن قصاركم ... أَنْ تُصْبِحُوا ذَاتَ يَوْمٍ لَا تَسِيرُونَا

حُثُّوا الْمَطِيَّ وَأَرْخُوا مِنْ أَزِمَّتِهَا ... قَبْلَ الْمَمَاتِ وَقَضُّوا مَا تُقَضُّونَا

كُنَّا أُنَاسًا كَمَا كُنْتُمْ فَغَيَّرَنَا ... دَهْرٌ فَأَنْتُمْ كَمَا صِرْنَا تَصِيرُونَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذَا مَا صَحَّ لَهُ مِنْهَا وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ أَوَّلُ شِعْرٍ قِيلَ فِي الْعَرَبِ وَأَنَّهَا وُجِدَتْ مَكْتُوبَةً فِي حَجَرٍ بِالْيَمَنِ وَلَمْ يُسَمَّ قَائِلُهَا وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ لِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ إِخْوَةً وَحَكَى عِنْدَهَا حِكَايَةً مُعْجِبَةً وَإِنْشَادَاتٍ مُعَرَّبَةً. قَالَ: وَزَادَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ فِي كِتَابِهِ فَضَائِلِ مَكَّةَ عَلَى هَذِهِ الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ:

قَدْ مَالَ دَهْرٌ عَلَيْنَا ثُمَّ أَهْلَكَنَا ... بِالْبَغْيِ فِينَا وَبَزَّ النَّاسَ نَاسُونَا

وَاسْتَخْبِرُوا فِي صَنِيعِ النَّاسِ قَبْلَكُمُ ... كَمَا اسْتَبَانَ طَرِيقٌ عِنْدَهُ الْهُونَا

كُنَّا زَمَانًا مُلُوكَ النَّاسِ قَبْلَكُمُ ... بِمَسْكَنٍ فِي حَرَامِ اللَّهِ مَسْكُونَا

<<  <  ج: ص:  >  >>