وزائدة بن قدامة وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أحد أئمة الإسلام وعبادهم والمقتدى به أبو عبد الله الكوفي. روى عن غير واحد من التابعين وروى عنه خلق من الأئمة وغيرهم، قال شعبة وأبو عاصم وسفيان بن عيينة ويحيى بن معين وغير واحد: هو أمير المؤمنين في الحديث.
وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف شيخ ومائة شيخ هو أفضلهم. وقال أيوب: ما رأيت كوفيا أفضله عليه. وقال يونس بن عبيد: ما رأيت أفضل منه. وقال عبد الله: ما رأيت أفقه من الثوري. وقال شعبة: ساد الناس بالورع والعلم. وقال: أصحاب المذاهب ثلاثة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه. وقال الامام أحمد: لا يتقدمه في قلبي أحد. ثم قال: تدري من الامام؟ الامام سفيان الثوري. وقال عبد الرزاق: سمعت الثوري يقول: ما استودعت قلبي شيئا قط فخانني حتى إني لأمرّ بالحائك يتغنى فأسد أذنى مخافة أن أحفظ ما يقول. وقال: لأن أترك عشرة آلاف دينار يحاسبني الله عليها أحب إلى من أن أحتاج إلى الناس.
قال محمد بن سعد: أجمعوا أنه توفى بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة، وكان عمره يوم مات أربعا وستين سنة، ورآه بعضهم في المنام يطير في الجنة من نخلة إلى نخلة، ومن شجرة إلى شجرة، وهو يقرأ ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ﴾ الآية. وقال: إذا ترأس الرجل سريعا أخر بكثير من العلم.
[وممن توفى فيها]
[أبو دلامة]
زيد بن الجون الشاعر الماجن، أحد الظرفاء، أصله من الكوفة وأقام ببغداد وحظي عند المنصور لأنه كان يضحكه وينشده الأشعار ويمدحه، حضر يوما جنازة امرأة المنصور - وكانت ابنة عمه - يقال لها حمادة بنت عيسى، وكان المنصور قد حزن عليها، فلما سووا عليها التراب وكان أبو دلامة حاضرا، فقال له المنصور: ويحك يا أبا دلامة، ما أعددت لهذا اليوم؟ فقال: ابنة عم أمير المؤمنين. فضحك المنصور حتى استلقى، ثم قال: ويحك فضحتنا. ودخل يوما على المهدي يهنئه بقدومه من سفره وأنشده:
إني حلفت لئن رأيتك سالما … وبقرى العراق وأنت ذو وفر
لتصلين على النبي محمد … ولتملأن دراهما حجري
فقال المهدي: أما الأول فنعم، نصلي على النبي محمد ﷺ، وأما الثاني فلا. فقال: يا أمير المؤمنين هما كلمتان فلا تفرق بينهما. فأمر أن يملأ حجره دراهم، ثم قال له: قم! فقال: ينخرق منها قميصي فأفرغت منه في أكياسها ثم قام فحملها وذهب. وذكر عنه ابن خلكان أنه مرض ابن له فداواه طبيب فلما عوفي قال له: ليس عندنا ما نعطيك، ولكن ادّع على فلان اليهودي بمبلغ ما تستحقه عندنا من أجرتك حتى أشهد أنا وولدى عليه بالمبلغ المذكور. قال: فذهب الطبيب إلى قاضى الكوفة محمد