للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى دار السعادة، ورحل بين يديه. وفي يوم الخميس الحادي والعشرين منه دخل الأمير سيف الدين يلبغا الّذي كان نائبا بالديار المصرية، ثم مسك بالحجاز وأودع الكرك، ثم أخرج في هذه الدولة وأعطى نيابة حلب، فتلقاه نائب السلطنة وأنزل دار السعادة حين أضافه. ونزل وطاقة بوطأة برزة وضربت له خيمة بالميدان الأخضر.

[ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة]

استهلت هذه السنة وسلطان الديار المصرية والبلاد الشامية والحرمين الشريفين وما يتبع ذلك الملك الصالح صلاح الدين، صالح بن السلطان الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون، والخليفة الّذي يدعى له المعتضد بأمر الله، ونائب الديار المصرية الأمير سيف الدين قبلاى، وقضاة مصرهم المذكورون في التي قبلها، والوزير القاضي ابن زنبور، وأولو الأمر الذين يدبرون المملكة فلا تصدر الأمور إلا عن آرائهم لصغر السلطان المذكور جماعة من أعيانهم ثلاثة سيف الدين شيخون، وطار وحر عيمش، ونائب دمشق الأمير سيف الدين أرغون الكاملي، وقضاتها هم المذكورون في التي قبلها، ونائب البلاد الحلبية الأمير سيف الدين يلبغا أروش، ونائب طرابلس الأمير سيف الدين بكلمش، ونائب حماة الأمير شهاب الدين أحمد بن مشد الشريخانة، ووصل بعض الحجاج إلى دمشق في تاسع الشهر - وهذا نادر - وأخبروا بموت المؤذن شمس الدين بن سعيد بعد منزلة العلاء في المدابغ.

وفي ليلة الاثنين سادس عشر صفر في هذه السنة وقع حريق عظيم عند باب جيرون شرقيه فاحترق به دكان القفاعى الكبيرة المزخرفة وما حولها، واتسع اتساعا فظيعا، واتصل الحريق بالباب الأصفر من النحاس، فبادر ديوان الجامع إليه فكشطوا ما عليه من النحاس ونقلوه من يومه إلى خزانة الحاصل، بمقصورة الحلبية، بمشهد على، ثم عدوا عليه يكسرون خشبة بالفئوس الحداد، والسواعد الشداد، وإذا هو من خشب الصنوبر الّذي في غاية ما يكون من القوة والثبات، وتأسف الناس عليه لكونه كان من محاسن البلد ومعالمه. وله في الوجود ما ينيف عن أربعة آلاف سنة.

انتهى والله أعلم.

[ترجمة باب جيرون المشهور بدمشق]

الّذي كان هلاكه وذهابه وكسره في هذه السنة، وهو باب سر في جامع دمشق لم ير باب أوسع ولا أعلى منه، فيما يعرف من الابنية في الدنيا، وله علمان من نحاس أصفر بمسامير نحاس أصفر أيضا بارزة، من عجائب الدنيا، ومحاسن دمشق ومعالمها، وقد تم بناؤها. وقد ذكرته العرب في أشعارها والناس وهو منسوب إلى ملك يقال له جيرون بن سعد بن عاد بن عوص بن أدم بن سام بن نوح، وهو الّذي بناه، وكان بناؤه له قبل الخليل ، بل قبل ثمود وهود أيضا، على ما ذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخه وغيره، وكان فوقه حصن عظيم، وقصر منيف، ويقال بل هو منسوب إلى اسم المارد الّذي بناه لسليمان ، وكان اسم ذلك المارد جيرون، والأول أظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>