وفيها توفى من الأعيان الحسن بن محمد الزعفرانيّ، وعبد الرحمن بن شرف. ومالك بن طوق صاحب الرحبة التي تنسب إليه، وهو مالك بن طوق، ويقال للرحبة رحبة مالك بن طوق، وحنين ابن إسحاق العبادي الّذي عرّب كتاب أقليدس وحرره بعد ثابت بن قرة. وعرب حنين أيضا كتاب المجسطي وغير ذلك من كتب الطب من لغة اليونان إلى لغة العرب، وكان المأمون شديد الاعتناء بذلك جدا، وكذلك جعفر البرمكي قبله ولحنين مصنفات كثيرة في الطب، وإليه تنسب مسائل حنين، وكان بارعا في فنه جدا، توفى يوم الثلاثاء لست خلون من صفر من هذه السنة. قاله ابن خلكان.
[ثم دخلت سنة إحدى وستين ومائتين]
فيها انصرف الحسن بن زيد من بلاد الديلم إلى طبرستان وأحرق مدينة شالوس لممالأتهم يعقوب بن الليث عليه. وفيها قتل مساور الخارجي يحيى بن حفص الّذي كان يلي طريق خراسان في جمادى الآخرة فشخص إليه مسرور البلخي ثم تبعه أبو أحمد بن المتوكل فهرب مساور فلم يلحق. وفيها كانت وقعة بين ابن واصل الّذي تغلب على فارس وبين عبد الرحمن بن مفلح فكسره ابن واصل وأسره وقتل طاشتمر واصطلم الجيش الذين كانوا معه فلم يفلت منهم إلا اليسير، ثم سار ابن واصل إلى واسط يريد حرب موسى بن بغا فرجع موسى إلى نائب الخليفة وسأل أن يعفى من ولاية بلاد المشرق لما بها من الفتن، فعزل عنها وولاها الخليفة إلى أخيه أبى أحمد. وفيها سار أبو الساج إلى حرب الزنج فاقتتلوا قتالا شديدا وغلبتهم الزنج ودخلوا الأهواز فقتلوا خلقا من أهلها وأحرقوا منازل كثيرة، ثم صرف أبو الساج عن نيابة الأهواز وخربها الزنج وولى الخليفة ذلك إبراهيم بن سيما. وفيها تجهز مسرور البلخي في جيش لقتال الزنج. وفيها ولى الخليفة نصر بن أحمد ابن أسد الساماني ما وراء نهر بلخ وكتب إليه بذلك في شهر رمضان. وفي شوال قصد يعقوب بن الليث حرب ابن واصل فالتقيا في ذي القعدة فهزمه يعقوب وأخذ عسكره وأسر رجاله وطائفة من حرمه وأخذ من أمواله ما قيمته أربعون ألف ألف درهم. وقتل من كان يمالئه وينصره من أهل تلك البلاد. وأصلح الله به تلك الناحية.
ولا ثنتى عشرة ليلة خلت من شوال ولى المعتمد على الله ولده جعفرا العهد من بعده وسماه المفوض إلى الله وولاه المغرب وضم إليه موسى بن بغا وولاية إفريقية ومصر والشام والجزيرة والموصل وأرمينية وطريق خراسان وغير ذلك، وجعل الأمر من بعد ولده لأبى أحمد المتوكل ولقبه الموفق بالله وولاه المشرق وضم إليه مسرور البلخي وولاه بغداد والسواد والكوفة وطريق مكة والمدينة واليمن وكسكر وكور دجلة والأهواز وفارس وأصبهان والكرخ والدينور والري وزنجان والسند، وكتب بذلك مكاتبات وقرئت بالآفاق، وعلق منها نسخة بالكعبة. وفيها حج بالناس الفضل بن إسحاق.