للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل طاوسا عن شيء فانتهره، ثم قال: تريد أن تجعل في عنقي حبلا ثم يطاف بى؟ ورأى طاوس رجلا مسكينا في عينه عمش وفي ثوبه وسخ، فقال له: عدّ! إن الفقر من الله، فأين أنت من الماء؟

وروى الطبراني عنه قال: إقرار ببعض الظلم خير من القيام فيه، وعن عبد الرزاق عن داود ابن إبراهيم أن الأسد حبس الناس ليلة في طريق الحج، فدق الناس بعضهم بعضا، فلما كان السحر ذهب عنهم الأسد، فنزل الناس يمينا وشمالا فألقوا أنفسهم، وقام طاووس يصلى، فقال له رجل- وفي رواية فقال ابنه-: ألا تنام فإنك قد سهرت ونصبت هذه الليلة؟ فقال: وهل ينام السحر أحد؟ وفي رواية: ما كنت أظن أحدا ينام السحر. وروى الطبراني من طريق عبد الرزاق عن أبى جريج وابن عيينة. قالا: حدثنا ابن طاوس قال: قلت لأبى: ما أفضل ما يقال على الميت؟

قال الاستغفار.

وقال الطبراني: حدثنا عبد الرزاق قال سمعت النعمان بن الزبير الصنعاني يحدث أن محمد بن يوسف- أو أيوب بن يحيى- بعث إلى طاوس بسبعمائة دينار وقال للرسول: إن أخذها منك فان الأمير سيكسوك ويحسن إليك. فقال: فخرج بها حتى قدم على طاوس الجند، فقال: يا أبا عبد الرحمن نفقة بعث بها الأمير إليك. فقال: ما لي بها من حاجة، فأراده على أخذها بكل طريق فأبى أن يقبلها، فغفل طاوس فرمى بها الرجل من كوة في البيت ثم ذهب راجعا إلى الأمير، وقال: قد أخذها، فمكثوا حينا ثم بلغهم عن طاوس ما يكرهون- أو شيء يكرهونه- فقالوا: ابعثوا إليه فليبعث إلينا بمالنا، فجاءه الرسول فقال: المال الّذي بعثه إليك الأمير ردّه إلينا، فقال: ما قبضت منه شيئا، فرجع الرسول إليهم فأخبرهم، فعرفوا أنه صادق، فقالوا: انظروا الّذي ذهب بها إليه، فأرسلوه إليه، فجاءه فقال: المال الّذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن، قال: هل قبضت منك شيئا؟

قال: لا! قال: فقام إلى المكان الّذي رمى به فيه فوجدها كما هي، وقد بنت عليها العنكبوت، فأخذها فذهب بها إليهم.

ولما حج سليمان بن عبد الملك قال: انظروا إليّ فقيها أسأله عن بعض المناسك، قال: فخرج الحاجب يلتمس له، فمر طاوس فقالوا: هذا طاوس اليماني، فأخذه الحاجب فقال: أجب أمير المؤمنين، فقال: اعفنى، فأبى، فأدخله عليه، قال طاوس: فلما وقفت بين يديه قلت: إن هذا المقام يسألنى الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين إن صخرة كانت على شفير جهنم هوت فيها سبعين خريفا حتى استقرت في قرارها، أتدري لمن أعدها الله؟ قال: لا!! ويلك لمن أعدها الله؟ قال:

لمن أشركه الله في حكمه فجار. وفي رواية ذكرها الزهري أن سليمان رأى رجلا يطوف بالبيت، له جمال وكمال، فقال: من هذا يا زهري؟ فقلت: هذا طاوس، وقد أدرك عدة من الصحابة، فأرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>