للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه سليمان فأتاه فقال: لو ما حدثتنا؟ فقال: حدثني أبو مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن أهون الخلق على الله عز وجل من ولى من أمور المسلمين شيئا فلم يعدل فيهم» . فتغير وجه سليمان فأطرق طويلا ثم رفع رأسه إليه فقال: لو ما حدثتنا؟ فقال: حدثني رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ابن شهاب: ظننت أنه أراد عليا- قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طعام في مجلس من مجالس قريش، ثم قال: «إن لكم على قريش حقا، ولهم على الناس حق، ما إذا استرحموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا ائتمنوا أدوا، فمن لم يفعل فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ الله منه صرفا ولا عدلا» . قال: فتغير وجه سليمان وأطرق طويلا ثم رفع رأسه إليه وقال: لو ما حدثتنا؟ فقال: حدثني ابن عباس أن آخر آية نزلت من كتاب الله: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٢: ٢٨١.

وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي أبو معمر عن ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال قال عمر بن عبد العزيز لطاوس: ارفع حاجتك إلى أمير المؤمنين- يعنى سليمان- فقال طاوس ما لي إليه من حاجة، فكأنه عجب من ذلك، قال: سفيان وحلف لنا إبراهيم وهو مستقبل الكعبة:

ورب هذا البيت ما رأيت أحدا الشريف والوضيع عنده بمنزلة واحدة إلا طاوس. قال: وجاء ابن لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاوس فلم يلتفت إليه، فقيل له: جلس إليك أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه؟ قال: أردت أن يعلم هو وأبوه أن للَّه عبادا يزهدون فيهم وفيما في أيديهم. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ ابن طاوس قال: خرجنا حجاجا فنزلنا في بعض القرى، وكنت أخاف أبى من الحكام لشدته وغلظه عليهم، قال: وكان في تلك القرية عامل لمحمد بن يوسف- أخى الحجاج بن يوسف- يقال له أيوب بن يحيى، وقيل يقال له ابن نجيح، وكان من أخبث عمالهم كبرا وتجبرا، قال: فشهدنا صلاة الصبح في المسجد، فإذا ابن نجيح قد أخبر بطاوس فجاء فقعد بين يدي طاوس، فسلم عليه فلم يجبه، ثم كلمه فأعرض عنه، ثم عدل إلى الشق الآخر فأعرض عنه، فلما رأيت ما به قمت إليه وأخذت بيده ثم قلت له: إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك، فقال طاوس: بلى! إني به لعارف، فقال الأمير: إنه بى لعارف، ومعرفته بى فعلت بى ما رأيت.

ثم مضى وهو ساكت لا يقول شيئا، فلما دخلت المنزل قال لي أبى: يا لكع، بينما أنت تقول أريد أخرج عليهم بالسيف لم تستطع أن تحبس عنهم لسانك.

وقال أبو عبد الله الشامي: أتيت طاوسا فاستأذنت عليه فخرج إلى ابنه شيخ كبير، فقلت:

أنت طاوس؟ فقال: لا! أنا ابنه، فقلت: إن كنت أنت ابنه فان الشيخ قد خرف، فقال:

إن العالم لا يخرف، فدخلت عليه فقال طاوس: سل فأوجز، فقلت: إن أوجزت أوجزت لك،

<<  <  ج: ص:  >  >>