قال ابن الجوزي: ولخمس بقين من رجب زادت دجلة زيادة كثيرة واستمرت الزيادة إلى رمضان، وبلغت أحدا وعشرين ذراعا وثلثا، ودخل إلى أكثر دور بغداد. وفيها رجع الوزير أبو خلف إلى بغداد ولقب فخر الملك بعميد الجيوش. وفيها عصى أبو الفتح الحسن بن جعفر العلويّ ودعا إلى نفسه وتلقب بالراشد بالله. ولم يحج فيها أحد من أهل العراق والخطبة للحاكم.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
أبو مسعود صاحب الأطراف.
[إبراهيم بن محمد بن عبيد]
أبو مسعود الدمشقيّ الحافظ الكبير، مصنف كتاب الأطراف على الصحيحين، رحل إلى بلاد شتى كبغداد والبصرة والكوفة وواسط وأصبهان وخراسان، وكان من الحفاظ الصادقين، والأمناء الضابطين، ولم يرو إلا اليسير، روى عنه أبو القاسم وأبو ذر الهروي، وحمزة السهمي، وغيرهم.
توفى ببغداد في رجب وأوصى إلى أبى حامد الأسفراييني فصلى عليه، ودفن في مقبرة جامع المنصور قريبا من السكك. وقد ترجمه ابن عساكر وأثنى عليه.
[عميد الجيوش الوزير]
الحسن بن أبى جعفر أستاذ هرمز، ولد سنة خمسين وثلاثمائة، وكان أبوه من حجاب عضد الدولة، وولاه بهاء الدولة وزارته سنة ثنتين وتسعين، والشرور كثيرة منتشرة، فمهد البلاد وأخاف العيارين واستقامت به الأمور، وأمر بعض غلمانه أن يحمل صينية فيها دراهم مكشوفة من أول بغداد إلى آخرها وأن يدخل بها في جميع الأزقة، فان اعترضه أحد فليدفعها إليه وليعرف ذلك المكان، فذهب الغلام فلم يعترضه أحد، فحمد الله وأثنى عليه، ومنع الروافض النياحة في يوم عاشوراء، وما يتعاطونه من الفرح في يوم ثامن عشر ذي الحجة الّذي يقال له عيد غدير خم، وكان عادلا منصفا.
[خلف الواسطي]
صاحب الأطراف أيضا، خلف بن محمد بن على بن حمدون، أبو محمد الواسطي، رحل إلى البلاد وسمع الكثير ثم عاد إلى بغداد، ثم رحل إلى الشام ومصر، وكتب الناس عنه بانتخابه، وصنف أطرافا على الصحيحين، وكانت له معرفة تامة، وحفظ جيد، ثم عاد إلى بغداد واشتغل بالتجارة وترك النظر في العلم حتى توفى في هذه السنة سامحه الله. روى عنه الأزهري.
[أبو عبيد الهروي]
صاحب الغريبين، أحمد بن محمد بن أبى عبيد العبديّ أبو عبيد الهروي اللغوي البارع، كان من علماء الناس في الأدب واللغة، وكتابه الغريبين، في معرفة غريب القرآن والحديث، يدل على اطلاعه وتبحره في هذا الشأن، وكان من تلامذة أبى منصور الأزهري. قال ابن خلكان: وقيل كان