للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يديه. قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» قلت فانى أمسك سهمي الّذي بخيبر، وقلت يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي ألا أتحدث إلا صدقا ما بقيت، فو الله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله أحسن مما أبلانى، ما شهدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله إلى يومى هذا كذبا، وانى لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت، وأنزل الله على رسوله ﴿لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ﴾ الى قوله ﴿وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ﴾ فو الله ما أنعم الله على من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقى رسول الله أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فان الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، قال الله تعالى ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا اِنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾ الى قوله ﴿فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ﴾ قال كعب: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله حين حلفوا له فبايعهم (١) واستغفر لهم وأرجأ رسول الله أمرنا حتى قضى الله فيه فبذلك قال الله تعالى ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ ليس الّذي ذكر الله مما خلفنا من الغزو وانما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر اليه فقبل منهم، وهذا رواه مسلم من طريق الزهري بنحوه.

وهكذا رواه محمد بن إسحاق عن الزهري مثل سياق البخاري، وقد سقناه في التفسير من مسند الامام احمد وفيه زيادات يسيرة ولله الحمد والمنة.

[ذكر أقوام تخلفوا من العصاة غير هؤلاء]

قال على بن طلحة الوالبي عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿وَآخَرُونَ اِعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

قال كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله في غزوة تبوك، فلما حضروا رجوعه أوسق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد فلما مر بهم رسول الله قال «من هؤلاء؟» قالوا أبا لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك حتى تطلقهم وتعذرهم قال «وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله ﷿ هو الّذي يطلقهم، رغبوا عنى وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين» فلما أن بلغهم ذلك قالوا ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الّذي يطلقنا. فانزل الله ﷿ ﴿وَآخَرُونَ اِعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ الآية. وعسى من الله واجب (٢) فلما أنزلت أرسل اليهم رسول الله فاطلقهم وعذرهم، فجاءوا بأموالهم وقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا


(١) كذا في الأصلين، وفي ابن هشام: فعذرهم.
(٢) كذا في الأصلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>