الشَّيْبَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَطَّارِ، وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِينَ [وستمائة] ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَتَبَ الْخَطَّ الْمَنْسُوبَ وَاشْتَغَلَ بِالتَّنْبِيهِ وَنَظَمَ الشِّعْرَ، وَوَلِيَ كِتَابَةَ الدَّرَجِ، ثُمَّ نَظَرَ الْجَيْشِ وَنَظَرَ الْأَشْرَافِ، وَكَانَتْ لَهُ حُظْوَةٌ فِي أَيَّامِ الْأَفْرَمِ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ خُمُولٌ قَلِيلٌ، وَكَانَ مُتْرَفًا مُنَعَّمًا لَهُ ثَرْوَةٌ وَرِيَاسَةٌ وَتَوَاضُعٌ وَحُسْنُ سِيرَةٍ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ بِتُرْبَتِهِمْ رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ
أَبُو مُحَمَّدٍ بن الحسن بن محمد بن عمار بن فتوح الْحَارِثِيُّ، قَاضِي الزَّبَدَانِيِّ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْكَرَكِ وَبِهَا مَاتَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَاشْتَغَلَ، وَكَانَ حَسَنَ الْأَخْلَاقِ مُتَوَاضِعًا، وَهُوَ وَالِدُ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ قَاضِي الزَّبَدَانِيِّ مُدَرِّسِ الظَّاهِرِيَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
ثم دخلت سنة ست وعشرين وَسَبْعِمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قبلها، سوى كاتب سر دمشق شِهَابِ الدِّينِ مَحْمُودٍ فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ، وَوَلِيَ الْمَنْصِبَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الصَّدْرُ شَمْسُ الدِّينِ. وَفِيهَا تَحَوَّلَ التُّجَّارُ فِي قُمَاشِ النِّسَاءِ الْمَخِيطِ مِنَ الدَّهْشَةِ الَّتِي لِلْجَامِعِ إِلَى دَهْشَةِ سُوقِ عَلِيٍّ. وفي يوم الأربعاء ثَامِنِ الْمُحَرَّمِ بَاشَرَ مَشْيَخَةَ الْحَدِيثِ الظَّاهِرِيَّةَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ جَهْبَلٍ بَعْدَ وَفَاةِ الْعَفِيفِ إِسْحَاقَ وَتَرَكَ تَدْرِيسَ الصَّلَاحِيَّةِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَاخْتَارَ دِمَشْقَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ. وَفِي أَوَّلِهَا فُتِحَ الْحَمَّامُ الَّذِي بَنَاهُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ جوبان بجوار دَارِهِ بِالْقُرْبِ مِنْ دَارِ الْجَالِقِ، وَلَهُ بَابَانِ أحدهما إلى جهة مَسْجِدِ الْوَزِيرِ، وَحَصَلَ بِهِ نَفْعٌ. وَفِي يَوْمِ الاثنين ثانى صَفَرٍ قَدِمَ الصَّاحِبُ غِبْرِيَالُ مِنْ مِصْرَ عَلَى الْبَرِيدِ مُتَوَلِّيًا نَظَرَ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ عَلَى عَادَتِهِ، وَانْفَصَلَ عَنْهَا الْكَرِيمُ الصَّغِيرُ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ حَادِي عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بكرة ضربت عنق ناصر بن الشرف أبى الفضل بن إسماعيل بن الهيثى بِسُوقِ الْخَيْلِ عَلَى كُفْرِهِ وَاسْتِهَانَتِهِ وَاسْتِهْتَارِهِ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَصُحْبَتِهِ الزَّنَادِقَةِ كَالنَّجْمِ بْنِ خَلِّكَانَ، وَالشَّمْسِ محمد الباجريقي، وابن المعمار البغدادي، وكل فيهم انْحِلَالٌ وَزَنْدَقَةٌ مَشْهُورٌ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ.
قَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ: وَرُبَّمَا زَادَ هَذَا الْمَذْكُورُ الْمَضْرُوبُ الْعُنُقِ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالتَّلَاعُبِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَالِاسْتِهَانَةِ بِالنُّبُوَّةِ وَالْقُرْآنِ. قَالَ وَحَضَرَ قَتْلَهُ الْعُلَمَاءُ وَالْأَكَابِرُ وَأَعْيَانُ الدَّوْلَةِ. قَالَ:
وَكَانَ هَذَا الرجل في أول أمره قد حفظ التنبيه، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْخِتَمِ بِصَوْتٍ حَسَنٍ، وَعِنْدَهُ نَبَاهَةٌ وَفَهْمٌ، وَكَانَ مُنَزَّلًا فِي الْمَدَارِسِ وَالتُّرَبِ، ثُمَّ إِنَّهُ انْسَلَخَ مِنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ، وَكَانَ قَتْلُهُ عِزًّا لِلْإِسْلَامِ وَذُلًّا لِلزَّنَادِقَةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ.
قلت: وقد شهدت قتله، وكان شيخنا أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ حَاضِرًا يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ أتاه وقرعه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute