النفيسة ما ينيف على ما بذلوه له بأضعاف مضاعفة، ونرجو من الله له في الآخرة الثواب الجزيل الّذي مثقال دانق منه خير من الدنيا وما فيها، مع ما حصل له من الثناء الجميل الدنيوي، فرحمه الله وأكرم مثواه. وفي يوم السبت ثالث رمضان دخل جلال الدولة إلى بغداد فتلقاه الخليفة في دجلة في طيارة، ومعه الأكابر والأمراء، فلما واجه جلال الدولة الخليفة قبل الأرض دفعات، ثم سار إلى دار الملك، وعاد الخليفة إلى داره، وأمر جلال الدولة أن يضرب له الطبل في أوقات الصلوات الثلاث، كما كان الأمر في زمن عضد الدولة، وصمصامها وشرفها وبهائها، وكان الخليفة يضرب له الطبل في أوقات الخمس، فأراد جلال الدولة ذلك فقيل له يحمل هذه المساواة الخليفة في ذلك، ثم صمم على ذلك في أوقات الخمس. قال ابن الجوزي: وفيها وقع برد شديد حتى جمد الماء والنبيذ وأبوال الدواب والمياه الكبار، وحافات دجلة. ولم يحج أحد من أهل العراق.
[وفيها توفى من الأعيان]
[أحمد بن محمد بن عبد الله]
ابن عبد الصمد بن المهتدي بالله، أبو عبد الله الشاهد، خطب له في جامع المنصور في سنة ست وثمانين وثلاثمائة، ولم يخطب له إلا بخطبة واحدة جمعات كثيرة متعددة، فكان إذا سمعها الناس منه ضجوا بالبكاء وخشعوا لصوته.
[الحسين بن على بن الحسين]
أبو القاسم المغربي الوزير، ولد بمصر في ذي الحجة سنة تسعين وثلاثمائة، وهرب منها حين قتل صاحبها الحاكم أباه وعمه محمدا، وقصد مكة ثم الشام، ووزر في عدة أماكن، وكان يقول الشعر الحسن، وقد تذاكر هو وبعض الصالحين فأنشده ذلك الصالح شعرا:
إذا شئت أن تحيا غنيا فلا تكن … على حالة إلا رضيت بدونها
فاعتزل المناصب والسلطان، فقال له بعض أصحابه: تركت المنازل والسلطان في عنفوان شبابك؟ فأنشأ يقول:
كنت في سفر الجهل والبطالة … حينا فحان منى القدوم
تبت من كل مأثم فعسى … يمحى بهذا الحديث ذاك القديم
بعد خمس وأربعين تعد … ألا إن الآله القديم كريم
توفى بميافارقين في رمضان منها عن خمس وأربعين سنة، ودفن بمشهد على.
[محمد بن الحسن بن إبراهيم]
أبو بكر الوراق، المعروف بابن الخفاف، روى عن القطيعي وغيره، وقد اتهموه بوضع الحديث والأسانيد، قاله الخطيب وغيره.