طويلها مربوعا مشرب اللون، أمه أم ولد اسمها ماردة، وهو أحد أولاد ستة من أولاد الرشيد، كل منهم اسمه محمد، وهم ابو إسحاق محمد المعتصم، وأبو العباس محمد الأمين، وأبو عيسى محمد، وأبو احمد، وأبو يعقوب، وأبو أيوب. قاله هشام بن الكلبي. وقد ولى الخلافة بعده ولده هارون الواثق.
وقد ذكر ابن جرير أن وزيره محمد بن عبد الملك بن الزيات رثاه فقال:
قد قلت إذ غيبوك واصطفقت … عليك أيدي التراب والطين
اذهب فنعم الحفيظ كنت على … الدنيا ونعم الظهير للدين
لا جبر الله أمة فقدت … مثلك إلا بمثل هارون
وقال مروان بن أبى الجنوب - وهو ابن أخى حفصة -:
أبو إسحاق مات ضحى فمتنا … وأمسينا بهارون حيينا
لئن جاء الخميس بما كرهنا … لقد جاء الخميس بما هوينا
[خلافة هارون الواثق بن المعتصم]
بويع له بالخلافة قبل موت أبيه يوم الأربعاء لثمان خلون من ربيع الأول من هذه السنة - أعنى سنة سبع وعشرين ومائتين - ويكنى أبا جعفر، وأمه أم ولد رومية يقال لها قراطيس، وقد خرجت في هذه السنة قاصدة الحج فماتت بالحيرة ودفنت بالكوفة في دار داود بن عيسى، وذلك لأربع خلون من ذي القعدة من هذه السنة، وكان الّذي أقام للناس الحج فيها جعفر بن المعتصم وفيها توفى ملك الروم توفيل بن ميخائيل، وكانت مدة ملكه ثنتى عشرة سنة، فملكت الروم بعده امرأته تدورة. وكان ابنها ميخائيل بن توفيل صغيرا.
[وفيها توفى]
[بشر الحافى الزاهد المشهور]
وهو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزي أبو نصر الزاهد المعروف بالحافي، نزيل بغداد. قال ابن خلكان: وكان اسم جده عبد الله الغيور، أسلم على يدي على بن أبى طالب. قلت: وكان مولده ببغداد سنة خمسين ومائة، وسمع بها شيئا كثيرا من حماد بن زيد، وعبد الله بن المبارك، وابن مهدي، ومالك، وأبى بكر بن عياش، وغيرهم. وعنه جماعة منهم أبو خيثمة، وزهير بن حرب، وسرى السقطي، والعباس بن عبد العظيم، ومحمد بن حاتم. قال محمد بن سعيد: سمع بشر كثيرا ثم اشتغل بالعبادة واعتزل الناس ولم يحدث، وقد أثنى عليه غير واحد من الأئمة في عبادته وزهادته وورعه ونسكه وتقشفه. قال الإمام أحمد يوم بلغه موته:
لم يكن له نظير إلا عامر بن عبد قيس، ولو تزوج لتم أمره. وفي رواية عنه أنه قال: ما ترك بعده مثله. وقال إبراهيم الحربي: ما أخرجت بغداد أتم عقلا منه، ولا أحفظ للسانه منه، ما عرف له غيبة