نساءها وأطفالها، وفجروا بالنساء وبعثوا بمنبر الجامع والربعات ورءوس القتلى إلى الجزائر، وجعلوا الجامع كنيسة. وفيها غضب المعظم على القاضي زكى الدين بن الزكي، وسببه أن عمته ست الشام بنت أيوب مرضت في دارها التي جعلتها بعدها مدرسة فأرسلت إلى القاضي لتوصى إليه، فذهب إليها بشهود معه فكتب الوصية كما قالت، فقال المعظم يذهب إلى عمتي بدون إذني، ويسمع هو والشهود كلامها؟ واتفق أن القاضي طلب من جابى العزيزية حسابها وضربه بين يديه بالمقارع، وكان المعظم يبغض هذا القاضي من أيام أبيه، فعند ذلك أرسل المعظم إلى القاضي ببقجة فيها قباء وكلوتة، القباء أبيض والكلوتة صفراء. وقيل بل كانا حمراوين مدرنين، وحلف الرسول عن السلطان ليلبسنهما ويحكم بين الخصوم فيهما، وكان من لطف الله أن جاءته الرسالة بهذا وهو في دهليز داره التي بباب البريد، وهو منتصب للحكم، فلم يستطع إلا أن يلبسهما وحكم فيهما، ثم دخل داره واستقبل مرض موته، وكانت وفاته في صفر من السنة الآتية بعدها، وكان الشرف بن عنين الزرعى الشاعر قد أظهر النسك والتعبد، ويقال: إنه اعتكف بالجامع أيضا فأرسل إليه المعظم بخمر ونرد ليشتغل بهما. فكتب إليه ابن عنين:
يا أيها الملك المعظم سنة … أحدثتها تبقى على الآباد
تجرى الملوك على طريقك بعدها … خلع القضاة وتحفة الزهاد
وهذا من أقبح ما يكون أيضا، وقد كان نواب ابن الزكي أربعة: شمس الدين بن الشيرازي إمام مشهد على، كان يحكم بالمشهد بالشباك، وربما برز إلى طرف الرواق تجاه البلاطة السوداء. وشمس الدين ابن سنى الدولة، كان يحكم في الشباك الّذي في الكلاسة تجاه تربة صلاح الدين عند الغزالية، وكمال الدين المصري وكيل بيت المال كان يحكم في الشباك الكمالي بمشهد عثمان، وشرف الدين الموصلي الحنفي كان يحكم بالمدرسة الطرخانية بجبرون والله تعالى أعلم.
[وفيها توفى من الأعيان]
[ست الشام]
واقفة المدرستين البرانية والجوانية الست الجليلة المصونة خاتون ست الشام بنت أيوب بن شادى، أخت الملوك وعمة أولادهم، وأم الملوك، كان لها من الملوك المحارم خمسة وثلاثون ملكا، منهم شقيقها المعظم توران شاه بن أيوب صاحب اليمن، وهو مدفون عندها في القبر القبلي من الثلاثة، وفي الأوسط منها زوجها وابن عمها ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادى صاحب حمص، وكانت قد تزوجته بعد أبى ابنها حسام الدين عمر بن لاجين، وهي وابنها حسام الدين عمر في القبر الثالث، وهو الّذي يلي مكان الدرس، ويقال للتربة والمدرسة الحسامية نسبة إلى ابنها هذا حسام الدين عمر بن لاجين، وكان من أكابر العلماء عند خاله صلاح الدين، وكانت ست الشام