للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَنَفَرُوا فِي هَذِهِ السنة، وأما هو فلا يدرى أحد أين ذهب فإنه شرد في الأرض وَقَدْ جَرَتْ بَيْنَهُمْ مُنَاوَشَاتٌ وَمُجَاوَلَاتٌ يَطُولُ بَسْطُهَا، وقد بالغ ابن جرير في ذكرها في تاريخه. قال ابن جرير: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ثَارَ بُكَيْرُ بْنُ وِشَاحٍ الَّذِي كَانَ نَائِبَ خُرَاسَانَ عَلَى نَائِبِهَا أُمَيَّةَ بن عبد الله ابن خالد وَذَلِكَ أَنْ بُكَيْرًا اسْتَجَاشَ عَلَيْهِ النَّاسَ وَغَدَرَ به وقتله، وقد جرت بينهما حروب طويلة قد استقصاها ابن جرير فِي تَارِيخِهِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَفَاةُ شبيب بن يزيد كما قدمنا، وقد كان من الشجاعة والفروسة على جانب كبير لم ير بَعْدَ الصَّحَابَةِ مِثْلَهُ، وَمِثْلَ الْأَشْتَرِ وَابْنِهُ إِبْرَاهِيمَ ومصعب بن الزبير وأخيه عبد الله ومن يُنَاطُ بِهَؤُلَاءِ فِي الشَّجَاعَةِ مِثْلَ قَطَرِيِّ بْنِ الفجاءة من الأزارقة والله أعلم.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ

كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ

بن معديكرب الْكِنْدِيُّ، كَانَ كَبِيرًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ، وَلَهُ بِالْمَدِينَةِ دَارٌ كَبِيرَةٌ بِالْمُصَلَّى، وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ كَاتِبَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الرَّسَائِلِ، تُوُفِّيَ بِالشَّامِ.

مُحَمَّدُ بْنِ مُوسَى

بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَتْ أُخْتُهُ تَحْتَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَوَلَّاهُ سِجِسْتَانَ، فَلَمَّا سَارَ إِلَيْهَا قِيلَ لَهُ إِنَّ شَبِيبًا فِي طَرِيقِكَ وَقَدْ أَعْيَا النَّاسَ فَاعْدِلْ إِلَيْهِ لَعَلَّكَ أَنْ تَقْتُلَهُ فَيَكُونَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَشُهْرَتُهُ لَكَ إِلَى الْأَبَدِ، فَلَمَّا سَارَ لَقِيَهُ شَبِيبٌ فَاقْتَتَلَ مَعَهُ فَقَتَلَهُ شَبِيبٌ. وَقِيلَ غَيْرُ ذلك والله أعلم.

عياض بن غنم الْأَشْعَرِيُّ

شَهِدَ الْيَرْمُوكَ، وَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

مُطَرِّفُ بن عبد الله

وَقَدْ كَانُوا إِخْوَةً، عُرْوَةُ وَمُطَرِّفٌ وَحَمْزَةُ، وَقَدْ كَانُوا يَمِيلُونَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَاسْتَعْمَلَهُمِ الْحَجَّاجُ على أقاليم، فاستعمل عروة على الكوفة، ومطرف عَلَى الْمَدَائِنِ، وَحَمْزَةَ عَلَى هَمْدَانَ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثمان وسبعين

فَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِبِلَادِ الرُّومِ افتتحوا إِرْقِيلِيَّةَ، فَلَمَّا رَجَعُوا أَصَابَهُمْ مَطَرٌ عَظِيمٌ وَثَلْجٌ وَبَرَدٌ، فَأُصِيبَ بِسَبَبِهِ نَاسٌ كَثِيرٌ. وَفِيهَا وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ غَزْوَ بِلَادِ المغرب جميعه فسار إلى طنجة وقد جعل عَلَى مُقَدِّمَتِهِ طَارِقًا فَقَتَلُوا مُلُوكَ تِلْكَ الْبِلَادِ، وَبَعْضُهُمْ قَطَعُوا أَنْفَهُ وَنَفَوْهُ، وَفِيهَا عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ أُمَيَّةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِمْرَةِ خراسان وأضافها إلى الحجاج مَعَ سِجِسْتَانَ أَيْضًا، وَرَكِبَ الْحَجَّاجُ بَعْدَ فَرَاغِهِ من شأن شبيب من إمرة الكوفة إلى البصرة، واستخلف عَلَى الْكَوْفَةِ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْحَضْرَمِيَّ، فَقَدِمَ الْمُهَلَّبُ عَلَى الْحَجَّاجِ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ وَقَدْ فَرَغَ مِنْ شَأْنِ الْأَزَارِقَةِ أَيْضًا، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَاسْتَدْعَى بِأَصْحَابِ الْبَلَاءِ مِنْ جَيْشِهِ، فَمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ الْمُهَلَّبُ أَجْزَلَ الْحَجَّاجُ لَهُ الْعَطِيَّةَ، ثُمَّ وَلَّى الْحَجَّاجُ الْمُهَلَّبَ إمرة سجستان، وولى عبد اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، ثُمَّ نَاقَلَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ خُرُوجِهِمَا مِنْ عِنْدِهِ، فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ بِإِشَارَةِ الْمُهَلَّبِ، وَقِيلَ إِنَّهُ اسْتَعَانَ بصاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>