وفيها هزم ملك الأرمن مليح بن ليون عساكر الروم، وغنم منهم شيئا كثيرا، وبعث إلى نور الدين بأموال كثيرة، وثلاثين رأسا من رءوس كبارهم، فأرسلها نور الدين إلى الخليفة المستضيء. وفيها بعث صلاح الدين سرية صحبه قراقرش مملوك تقى الدين عمر ابن شاهنشاه إلى بلاد إفريقية، فملكوا طائفة كثيرة منها، من ذلك مدينة طرابلس الغرب وعدة مدن معها.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[إيلدكز التركي الاتابكى]
صاحب أذربيجان وغيرها، كان مملوكا للكمال السميرمى، وزير السلطان محمود، ثم علا أمره وتمكن وملك بلاد أذربيجان وبلاد الجبل وغيرها، وكان عادلا منصفا شجاعا محسنا إلى الرعية، توفى بهمدان
[الأمير نجم الدين أبو الشكر أيوب بن شادى]
ابن مروان، زاد بعضهم بعد مروان بن يعقوب، والّذي عليه جمهورهم أنه لا يعرف بعد شادى أحد في نسبهم، وأغرب بعضهم وزعم أنهم من سلالة مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية، وهذا ليس بصحيح، والّذي نسب اليه ادعاء هذا هو أبو الفداء إسماعيل بن طغتكين بن أيوب بن شادى ويعرف بابن سيف الإسلام، وقد ملك اليمن بعد أبيه فتعاظم في نفسه وادعى الخلافة وتلقب بالإمام الهادي بنور الله ولهجوا بذلك وقال هو في ذلك:
وأنا الهادي الخليفة والّذي … أدوس رقاب الغلب بالضمر الجرد
ولا بد من بغداد أطوى ربوعها … وأنشرها نشر الشماس على البرد
وأنصب أعلامى على شرفاتها … وأحيى بها ما كان أسّسه جدي
ويخطب لي فيها على كل منبر … وأظهر أمر الله في الغور والنجد
وما ادعاه ليس بصحيح، ولا أصل له يعتمد عليه، ولا مستند يستند إليه، والمقصود أن الأمير نجم الدين كان أسن من أخيه أسد الدين شيركوه، ولد بأرض الموصل، كان الأمير نجم الدين شجاعا، خدم الملك محمد بن ملك شاه فرأى فيه شهامة وأمانة، فولاه قلعة تكريت، فحكم فيها فعدل، وكان من أكرم الناس، ثم أقطعها الملك مسعود لمجاهد الدين نهروز شحنة العراق، فاستمر فيها، فاجتاز به في بعض الأحيان الملك عماد الدين زنكي منهزما من قراجا الساقي فآواه وخدمه خدمة بالغة تامة، وداوى جراحاته وأقام عنده مدة خمسة عشر يوما، ثم ارتحل إلى بلده الموصل، ثم اتفق أن نجم الدين أيوب عاقب رجلا نصرانيا فقتله، وقيل إنما قتله أخوه أسد الدين شيركوه، وهذا بخلاف الّذي ذكره ابن خلكان، فإنه قال: رجعت جارية من بعض الخدم فذكرت له أنه تعرض لها اسفهسلار الّذي بباب القلعة، فخرج إليه أسد الدين فطعنه بحربة فقتله، فحبسه أخوه نجم الدين وكتب إلى مجاهد الدين نهروز يخبره بصورة الحال، فكتب إليه يقول: إن أباكما كانت