للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمرو وعثمان بن أبى العاتكة الدمشقيان، وعثمان بن عطاء، ومسعر بن كدام.

[وحماد الراوية]

وهو ابن أبى ليلى ميسرة - ويقال سابور - بن المبارك بن عبيد الديلميّ الكوفي، مولى بكير ابن زيد الخيل الطائي، كان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها ولغاتها، وهو الّذي جمع السبع المعلقات الطوال، وإنما سمى الراوية لكثرة روايته الشعر عن العرب، اختبره الوليد بن يزيد بن عبد الملك أمير المؤمنين في ذلك فأنشده تسعا وعشرين قصيدة على حروف المعجم، كل قصيدة نحوا من مائة بيت، وزعم أنه لا يسمى شاعر من شعراء العرب إلا أنشد له ما لا يحفظه غيره.

فأطلق له مائة ألف درهم. وذكر أبو محمد الحريري في كتابه درة الغواص، أن هشام بن عبد الملك استدعاه من العراق من نائبة يوسف بن عمر، فلما دخل عليه إذا هو في دار قوراء مرخمة بالرخام والذهب، وإذا عنده جاريتان حسنتان جدا، فاستنشده شيئا فأنشده، فقال له: سل حاجتك:

فقال: كائنة ما كانت يا أمير المؤمنين؟ فقال: وما هي؟ فقال تطلق لي إحدى هاتين الجاريتين.

فقال: هما وما عليهما لك، وأخلاه في بعض داره وأطلق له مائة ألف درهم. هذا ملخص الحكاية، والظاهر أن هذا الخليفة إنما هو الوليد بن يزيد، فإنه ذكر أنه شرب معه الخمر، وهشام لم يكن يشرب. ولم يكن نائبة على العراق يوسف بن عمر، إنما كان نائبة خالد بن عبد الله القسري، وبعده يوسف بن عمر بن عبد العزيز. كانت وفاة حماد في هذه السنة عن ستين سنة. قال ابن خلكان: وقيل إنه أدرك أول خلافة المهدي في سنة ثمان وخمسين فالله أعلم.

وفيها قتل حماد عجرد على الزندقة. وهو حماد بن عمر بن يوسف بن كليب الكوفي، ويقال إنه واسطي، مولى بنى سواد، وكان شاعرا ماجنا ظريفا زنديقا متهما على الإسلام، وقد أدرك الدولتين الأموية والعباسية، ولم يشتهر إلا في أيام بنى العباس، وكان بينه وبين بشار بن برد مهاجاة كثيرة، وقد قتل بشار هذا على الزندقة أيضا كما سيأتي، ودفن مع حماد هذا في قبره، وقيل إن حمادا عجرد مات سنة ثمان وخمسين، وقيل إحدى وستين ومائة فالله أعلم.

[ثم دخلت سنة ست وخمسين ومائة]

فيها ظفر الهيثم بن معاوية نائب المنصور على البصرة، بعمرو بن شداد الّذي كان عاملا لإبراهيم ابن محمد على فارس، فقيل أمر فقطعت يداه ورجلاه وضربت عنقه ثم صلب. وفيها عزل المنصور الهيثم بن معاوية هذا الّذي فعل هذه الفعلة عن البصرة وولى عليها قاضيها سوار بن عبد الله، فجمع له بين القضاء والصلاة، وجعل على شرطتها وأحداثها سعيد بن دعلج، ورجع الهيثم بن معاوية قاتل عمرو بن شداد إلى بغداد فمات فيها فجأة في هذه السنة، وهو على بطن جارية له، وصلى عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>