عشر شهرا فافتتحها في سنة ثنتين وأربعين وخمسمائة، وتمهدت له الممالك هنالك، وصفا له الوقت وكان عاقلا وقورا شكلا حسنا محبا للخير، توفى في هذه السنة ومكث في الملك ثلاثا وثلاثين سنة، وكان يسمى نفسه أمير المؤمنين رحمه الله.
[طلحة بن على]
ابن طراد، أبو أحمد الزينبي، نقيب النقباء، مات فجأة وولى النقابة بَعْدِهِ وَلَدُهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ وَكَانَ أَمْرَدَ فَعُزِلَ وَصُودِرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
مُحَمَّدُ بْنُ عبد الكريم
ابن إبراهيم، أبو عبد الله المعروف بابن الْأَنْبَارِيِّ كَاتِبُ الْإِنْشَاءِ بِبَغْدَادَ، كَانَ شَيْخًا حَسَنًا ظَرِيفًا وَانْفَرَدَ بِصَنَاعَةِ الْإِنْشَاءِ، وَبَعَثَ رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ سَنْجَرَ وَغَيْرِهِ، وَخَدَمَ الْمُلُوكَ وَالْخُلَفَاءَ، وَقَارَبَ التسعين. ومن شعره في محبي الدنيا والصور:
يا من هجرت ولا تبالي ... هل ترجع دولة الوصال
هل أَطْمَعُ يَا عَذَابَ قَلْبِي ... أَنْ يَنْعَمَ فِي هواك بالي
مَا ضَرَّكِ أَنْ تُعَلِّلِينِي ... فِي الْوَصْلِ بِمَوْعِدٍ المحال
أَهْوَاكِ وَأَنْتِ حَظُّ غَيْرِي ... يَا قَاتِلَتِي فَمَا احتيالى
أيام عنائي قبل سُودٌ ... مَا أَشْبَهَهُنَّ بِاللَّيَالِي
الْعُذَّلُ فِيكِ يَعْذِلُونِي ... عن حبك مالهم ومالي
يَا مُلْزِمِي السُّلُوَّ عَنْهَا ... الصَّبُّ أَنَا وَأَنْتَ سَالِي
وَالْقَوْلُ بِتَرْكِهَا صَوَابٌ ... مَا أَحْسَنَهُ لَوِ اسْتَوَى لِي
طَلَّقْتُ تَجَلُّدِي ثَلَاثًا ... وَالصَّبْوَةُ بَعْدُ فِي خَيَالِي
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وخمسمائة
فِيهَا قَدِمَ شَاوَرُ بْنُ مُجِيرِ الدِّينِ أَبُو شُجَاعٍ السَّعْدِيُّ الْمُلَقَّبُ بِأَمِيرِ الْجُيُوشِ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ وَزِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَعْدَ آلِ رُزِّيكَ، لما قتل الناصر رُزِّيكَ لَمَّا قُتِلَ النَّاصِرُ رُزِّيكُ بْنُ طَلَائِعَ، وَقَامَ فِي الْوِزَارَةِ بَعْدَهُ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ فِيهَا، ثار عَلَيْهِ أَمِيرٌ يُقَالُ لَهُ الضِّرْغَامُ بْنُ سَوَّارٍ، وَجَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً، وَاسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ وَقَتَلَ ولديه طيبا وَسُلَيْمَانَ، وَأَسَرَ الثَّالِثَ وَهُوَ الْكَامِلُ بْنُ شَاوَرَ، فَسَجَنَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، لِيَدٍ كَانَتْ لِأَبِيهِ عِنْدَهُ، واستوزر ضرغام وَلُقَّبَ بِالْمَنْصُورِ، فَخَرَجَ شَاوَرُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ هاربا من العاضد ومن ضرغام، ملتجئا إلى نور الدين محمود، وهو نازل بجوسق الميدان الأخضر، فأحسن ضيافته وأنزله بالجوسق المذكور، وطلب شاور منه عسكرا ليكونوا معه ليفتح بهم الديار المصرية، وليكون لنور الدين