فمن حامل احدى قوائم عرشه … ولولا إله الخلق كلوا وأبلدوا
قيام على الاقدام عانون تحته … فرائصهم من شدة الخوف ترعد
رواه ابن عساكر وروى عن الأصمعي انه كان ينشد من شعر أمية:
مجدوا الله فهو للمجد أهل … ربنا في السماء أمسى كبيرا
بالبناء الأعلى الّذي سبق الناس … وسوى فوق السماء سريرا
شرجعا (١) يناله بصر العين … ترى دونه الملائك صورا
ثم يقول الأصمعي: الملائك جمع ملك والصور جمع أصور وهو المائل العنق وهؤلاء حملة العرش.
ومن شعر أمية بن أبى الصلت يمدح عبد الله بن جدعان التيمي:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني … حياؤك إن شيمتك الحياء
وعلمك بالحقوق وأنت فرع … لك الحسب المهذب والسناء
كريم لا يغيره صباح … عن الخلق الجميل ولا مساء
يبارى الريح مكرمة وجودا … إذا ما الكلب أحجره الشتاء
وأرضك ارض مكرمة بنتها … بنو تيم وأنت لها سماء
إذا أثنى عليك المرء يوما … كفاه من تعرضه الثناء
وله فيه مدائح أخر. وقد كان عبد الله بن جدعان هذا من الكرماء الأجواد الممدحين المشهورين وكان له جفنة يأكل الراكب منها وهو على بعيره من عرض حافتها وكثرة طعامها، وكان يملأها لباب البر يلبك بالشهد والسمن، وكان يعتق الرقاب ويعين على النوائب وقد
سألت عائشة النبي ﷺ أينفعه ذلك؟ فقال انه لم يقل يوما من الدهر (رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) ومن شعر أمية البديع:
لا ينكثون الأرض عند سؤالهم … كتطلب العلات بالعيدان
بل يسفرون وجوههم فترى لها … عند السؤال كأحسن الألوان
وإذا المقل اقام وسط رحالهم … ردوه رب صواهل وقيان
وإذا دعوتهم لكل ملمة … سدوا شعاع الشمس بالفرسان
آخر ترجمة أمية بن أبى الصلت.
[بحيرا الراهب]
الّذي توسم في رسول الله ﷺ النبوة وهو مع عمه أبى طالب حين قدم الشام في تجار من أهل مكة وعمره إذ ذاك اثنى عشرة سنة فرأى الغمامة تظله من بينهم. فصنع لهم طعاما ضيافة واستدعاهم كما
(١) الشرجع: الطويل.