للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نائلة وأم البنين، (١) وبناته، فقال ابن عديس: اتركوه، فتركوه. ثم مال هؤلاء الفجرة على ما في البيت فنهبوه، وذلك أنه نادى مناد منهم: أيحل لنادمه ولا يحل لنا ماله، فانتهبوه ثم خرجوا فأغلقوا الباب على عثمان وقتيلين معه، فلما خرجوا إلى صحن الدار وثب غلام لعثمان على قترة فقتله، وجعلوا لا يمرون على شيء إلا أخذوه حتى استلب رجل يقال له كلثوم التجيبي، ملاءة نائلة، فضربه غلام لعثمان فقتله، وقتل الغلام أيضا، ثم تنادى القوم: أن أدركوا بيت المال لا تستبقوا إليه، فسمعهم حفظة بيت المال فقالوا: يا قوم النجا النجا، فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وغير ذلك مما ادعوا أنهم إنما قاموا لأجله وكذبوا إنما قصدهم الدنيا، فانهزموا وجاء الخوارج فأخذوا مال بيت المال وكان فيه شيء كثير جدا.

[فصل]

ولما وقع هذا الأمر العظيم، الفظيع الشنيع، أسقط في أيدي الناس، فأعظموه جدا، وندم أكثر هؤلاء الجهلة الخوارج بما صنعوا، وأشبهوا من تقدمهم ممن قصّ الله علينا خبرهم في كتابه العزيز، من الذين عبدوا العجل. في قوله تعالى ﴿وَلَمّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ ولما بلغ الزبير مقتل عثمان - وكان قد خرج من المدينة - قال: ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ،﴾ ثم ترحم على عثمان، وبلغه أن الذين قتلوه ندموا فقال: تبا لهم، ثم تلا قوله تعالى ﴿ما يَنْظُرُونَ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ وبلغ عليا قتله فترحم عليه. وسمع بندم الذين قتلوه فتلا قوله تعالى ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اُكْفُرْ فَلَمّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ﴾ ولما بلغ سعد بن أبى وقاص قتل عثمان استغفر له وترحم عليه، وتلا في حق الذين قتلوه ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ ثم قال سعد: اللهمّ اندمهم ثم خذهم. وقد أقسم بعض السلف بالله إنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولا. رواه ابن جرير.

وهكذا ينبغي أن يكون لوجوه (منها) دعوة سعد المستجابة كما ثبت في الحديث الصحيح.

وقال بعضهم: ما مات أحد منهم حتى جن. وقال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن أبى الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث قال: الّذي قتل عثمان كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي. وكانت امرأة منظور بن سيار الفزاري تقول: خرجنا إلى الحج وما علمنا لعثمان بقتل، حتى إذا كنا بالمرج سمعنا رجلا يغنى تحت الليل:


(١) في أصل المصرية: امرأته نائلة وأم اليدين. والتصحيح من عقد الجمان للعينى.

<<  <  ج: ص:  >  >>