فيها غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى وعلى اليمنى سليمان بن هشام بن عبد الملك، وهما ابنا أمير المؤمنين هشام: وفيها التقى عبد الله البطال وملك الروم المسمى فيهم قسطنطين، وهو ابن هرقل الأول الّذي كتب إليه النبي ﷺ فأسره البطال، فأرسله إلى سليمان بن هشام، فسار به إلى أبيه. وفيها عزل هشام عن إمرة مكة والمدينة والطائف إبراهيم بن هشام بن إسماعيل، وولى عليها أخاه محمد بن هشام فحج بالناس في هذه السنة في قول، وقال الواقدي وأبو معشر: إنما حج بالناس خالد بن عبد الملك بن مروان والله أعلم.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[عطاء بن أبى رباح]
الفهري مولاهم أبو محمد المكيّ، أحد كبار التابعين الثقات الرفعاء، يقال إنه أدرك مائتي صحابى وقال ابن سعد: سمعت بعض أهل العلم يقول: كان عطاء أسود أعور أفطس أشل أعرج، ثم عمى بعد ذلك، وكان ثقة فقيها عالما كثير الحديث، وقال أبو جعفر الباقر وغير واحد: ما بقي أحد في زمانه أعلم بالمناسك منه، وزاد بعضهم، وكان قد حج سبعين حجة، وعمر مائة سنة، وكان في آخر عمره يفطر في رمضان من الكبر والضعف ويفدى عن إفطاره، ويتأول الآية ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ وكان ينادى منادى بنى أمية في أيام منى: لا يفتى الناس في الحج إلا عطاء بن أبى رباح، وقال أبو جعفر الباقر: ما رأيت فيمن لقيت أفقه منه، وقال الأوزاعي:
مات عطاء يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عندهم. وقال ابن جريج: كان في المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس به صلاة. وقال قتادة: كان سعيد بن المسيب والحسن وإبراهيم وعطاء هؤلاء أئمة الأمصار. وقال عطاء إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأنى لم أكن سمعته، وقد سمعته قبل أن يولد، فأريه أنى إنما سمعته الآن منه. وفي رواية: أنا أحفظ منه له فأريه أتى لم أسمعه. الجمهور على أنه مات في هذه السنة رحمه الله تعالى والله أعلم.
[فصل]
أسند أبو محمد عطاء بن أبى رباح - واسم أبى رباح أسلم - عن عدد كثير من الصحابة، منهم ابن عمرو ابن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وأبو هريرة، وزيد بن خالد الجهنيّ، وأبو سعيد. وسمع من ابن عباس التفسير وغيره. وروى عنه من التابعين عدة، منهم الزهري، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، وقتادة، ويحيى بن كثير، ومالك بن دينار، وحبيب بن أبى ثابت، والأعمش، وأيوب السختياني، وغيرهم من الأئمة والأعلام كثير. قال أبو هزان: سمعت عطاء بن أبى رباح يقول: