للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوب العالمين على المقالي … وأيام الورى شبه الليالي

أيثمر غصن أهل العلم يوما … وقد مات الامام أبو المعالي

[محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد]

أبو على بن الوليد، شيخ المعتزلة، كان مدرسا لهم فأنكر أهل السنة عليه، فلزم بيته خمسين سنة إلى أن توفى في ذي الحجة منها، ودفن في مقبرة الشونيزى، وهذا هو الّذي تناظر هو والشيخ أبو يوسف القزويني المعتزلي المفسر في إباحة الولدان في الجنة، وأنه يباح لأهل الجنة وطء الولدان في أدبارهم، كما حكى ذلك ابن عقيل عنهما، وكان حاضرهما، فمال هذا إلى إباحة ذلك، لأنه مأمون المفسدة هنالك، وقال أبو يوسف: إن هذا لا يكون لا في الدنيا ولا في الآخرة، ومن أين لك أن يكون لهم أدبار؟ وهذا العضو - وهو الدبر - إنما خلق في الدنيا لحاجة العباد إليه، لأنه مخرج للأذى عنهم، وليس في الجنة شيء من ذلك، وإنما فضلات أكلهم عرق يفيض من جلودهم، فإذا هم ضمر فلا يحتاجون إلى أن يكون لهم أدبار، ولا يكون لهذه المسألة صورة بالكلية. وقد

روى هذا الرجل حديثا واحدا عن شيخه أبى الحسين البصري بسنده المتقدم، من طريق شعبة عن منصور عن ربعي عن أبى مسعود البدري أن رسول الله قال: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» وقد رواه القعنبي عن شعبة، ولم يرو عنه سواه، فقيل: إنه لما رحل إليه دخل عليه وهو يبول في البالوعة فسأله أن يحدثه فامتنع، فروى له هذا الحديث كالواعظ له به، والتزم أن لا يحدثه بغيره، وقيل:

لان شعبة مر على القعنبي قبل أن يشتغل بعلم الحديث - وكان إذا ذاك يعاني الشراب - فسأله أن يحدثه فامتنع، فسل سكينا وقال: إن لم تحدثني وإلا قتلتك، فروى له هذا الحديث، فتاب وأناب، ولزم مالكا، ثم فاته السماع من شعبة فلم يتفق له عنه غير هذا الحديث فالله أعلم.

أبو عبد الله الدامغانيّ القاضي

محمد بن على بن الحسين بن عبد الملك بن عبد الوهاب بن حمويه الدامغانيّ، قاضى القضاة ببغداد، مولده في سنة ثمان عشرة وأربعمائة، فتفقه بها على أبى عبد الله الصيمري، وأبى الحسن القدوري، وسمع الحديث منهما ومن ابن النقور والخطيب وغيرهم، وبرع في الفقه، وكان له عقل وافر، وتواضع زائد، وانتهت إليه رياسة الفقهاء، وكان فصيحا كثير العبادة، وقد كان فقيرا في ابتداء طلبه، عليه أطمار رثة، ثم صارت إليه الرئاسة والقضاء بعد ابن ماكولا، في سنة تسع وأربعين وكان القائم بأمر الله يكرمه، والسلطان طغرلبك يعظمه، وباشر الحكم ثلاثين سنة في أحسن سيرة، وغاية الأمانة والديانة، مرض أياما يسيرة ثم توفى في الرابع والعشرين من رجب من هذه السنة، وقد ناهز الثمانين، ودفن بداره بدرب العلابين، ثم نقل إلى مشهد أبى حنيفة .

<<  <  ج: ص:  >  >>