ولد سنة عشرين وخمسمائة، وكان أبوه من أهل حرستان، فنزل داخل باب توما وأم بمسجد الزينبي ونشأ ولده هذا نشأة حسنة سمع الحديث الكثير وشارك الحافظ ابن عساكر في كثير من شيوخه، وكان يجلس للاسماع بمقصورة الخضر، وعندها كان يصلى دائما لا تفوته الجماعة بالجامع، وكان منزله بالحورية ودرس بالمجاهدية وعمر دهرا طويلا على هذا القدم الصالح والله أعلم. وناب في الحكم عن ابن أبى عصرون، ثم ترك ذلك ولزم بيته وصلاته بالجامع، ثم عزل العادل القاضي ابن الزكي وألزم هذا بالقضاء وله ثنتان وتسعون سنة وأعطاه تدريس العزيزية. وأخذ التقوية أيضا من ابن الزكي وولاها فخر الدين ابن عساكر. قال ابن عبد السلام ما رأيت أحدا أفقه من ابن الحرستانيّ، كان يحفظ الوسيط للغزالى. وذكر غير واحد أنه كان من أعدل القضاة وأقومهم بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان ابنه عماد الدين يخطب بجامع دمشق، وولى مشيخة الاشرفية ينوب عنه، وكان القاضي جمال الدين يجلس للحكم بمدرسته المجاهدية، وأرسل إليه السلطان طراحة ومسندة لأجل أنه شيخ كبير، وكان ابنه يجلس بين يديه، فإذا قام أبوه جلس في مكانه، ثم إنه عزل ابنه عن نيابته لشيء بلغه عنه، واستناب شمس الدين بن الشيرازي، وكان يجلس تجاهه في شرقى الإيوان، واستناب معه شمس الدين ابن سنا الدولة، واستناب شرف الدين ابن الموصلي الحنفي، فكان يجلس في محراب المدرسة، واستمر حاكما سنتين وأربعة أشهر، ثم مات يوم السبت رابع الحجة وله من العمر خمس وتسعون سنة، وصلى عليه بجامع دمشق ثم دفن بسفح قائسون
[الأمير بدر الدين محمد بن أبى القاسم]
الهكارى باني المدرسة التي بالقدس، كان من خيار الأمراء، وكان يتمنى الشهادة دائما فقتله الفرنج بحصن الطور، ودفن بالقدس بتربة عاملها وهو يزار إلى الآن ﵀
[الشجاع محمود المعروف بابن الدماع]
كان من أصدقاء العادل يضحكه، فحصل أموالا جزيلة منهم، كانت داره داخل باب الفرنج فجعلتها زوجته عائشة مدرسة للشافعية والحنفية، ووقفت عليها أوقافا دارة
[الشيخة الصالحة العابدة الزاهدة]
شيخة العالمات بدمشق، تلقب بدهن اللوز، بنت نورنجان، وهي آخر بناته وفاة وجعلت أموالها وقفا على تربة أختها بنت العصبة المشهورة
[ثم دخلت سنة خمس عشرة وستمائة]
استهلت والعادل بمرج الصفر لمناجزة الفرنج وأمر ولده المعظم بتخريب حصن الطور فأخربه ونقل ما فيه من آلات الحرب وغيرها إلى البلدان خوفا من الفرنج. وفي ربيع الأول نزلت الفرنج على