للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكير عن ابن إسحاق حدثني المغيرة بن عثمان بن محمد بن عثمان والأخنس بن شريق عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: كانت أول خطبة خطبها رسول الله بالمدينة أن قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال «أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع، ثم ليقولن له ربه - ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه - ألم يأتك رسولي فبلغك، وآتيتك مالا وأفضلت عليك، فما قدمت لنفسك؟ فينظر يمينا وشمالا فلا يرى شيئا، ثم ينظر قدامه فلا يرى غير جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة فان بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسلام على رسول الله (١) ورحمة الله وبركاته» ثم خطب رسول الله مرة أخرى فقال: «أن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله [وحده لا شريك له]، إن أحسن الحديث كتاب الله، قد أفلح من زينه الله في قلبه وأدخله في الإسلام بعد الكفر واختاره على ما سواه من أحاديث الناس، إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا من أحب الله، أحبوا الله من كل قلوبكم [ولا تملوا كلام الله وذكره ولا تقسى عنه قلوبكم] فإنه من (٢) يختار الله ويصطفى فقد سماه خيرته من الأعمال وخيرته من العباد، والصالح من الحديث ومن كل ما أوتى الناس من الحلال والحرام فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتقوه حق تقاته واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم وتحابوا بروح الله بينكم إن الله يغضب أن ينكث عهده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» وهذه الطريق أيضا مرسلة إلا أنها مقوية لما قبلها وإن اختلفت الألفاظ.

[فصل في بناء مسجده الشريف في مدة مقامه بدار أبى أيوب ]

وقد اختلف في مدة مقامه بها، فقال الواقدي: سبعة أشهر، وقال غيره أقل من شهر والله أعلم.

قال البخاري حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الصمد قال سمعت أبى يحدث فقال حدثنا أبو التياح يزيد بن حميد الضبيّ حدثنا أنس بن مالك. قال: لما قدم رسول الله المدينة نزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم أرسل إلى ملأ بنى النجار فجاءوا


(١) وفي ابن هشام. والسلام عليكم وعلى رسول الله.
(٢) كذا في المصرية، وفي الحلبية فإنه من كل مختار الله. وفي ابن هشام: فإنه من كل ما يخلق الله يختار، وما بين المربعين من ابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>