للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولك بنو رسول الله فقد قال تعالى: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ﴾ وقد جاءت السنة التي لا خلاف فيها بين المسلمين أن الجد أبا الأم والخال والخالة لا يورثون، ولم يكن لفاطمة ميراث من رسول الله بنص الحديث، وقد مرض رسول الله وأبوك حاضر فلم يأمره بالصلاة بالناس، بل أمر غيره. ولما توفى لم يعدل الناس بأبي بكر وعمر أحدا، ثم قدموا عليه عثمان في الشورى والخلافة، ثم لما قتل عثمان اتهمه بعضهم به، وقاتله طلحة والزبير على ذلك، وامتنع سعد من مبايعته ثم بعد ذلك معاوية، ثم طلبها أبوك وقاتل عليها الرجال، ثم اتفق على التحكيم فلم يف به، ثم صارت إلى الحسن فباعها بخرق ودراهم، وأقام بالحجاز يأخذ مالا من غير حله، وسلم الأمر إلى غير أهله، وترك شيعته في أيدي بنى أمية ومعاوية. فان كانت لكم فقد تركتموها وبعتموها بثمنها. ثم خرج عمك حسين على ابن مرجانة وكان الناس معه عليه حتى قتلوه وأتوا برأسه إليه، ثم خرجتم على بنى أمية فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل، وحرقوكم بالنار، وحملوا نساءكم على الإبل كالسبايا إلى الشام، حتى خرجنا عليهم نحن فأخذنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضهم وديارهم، وذكرنا فضل سلفكم، فجعلت ذلك حجة علينا، وظننت أنا إنما ذكرنا فضله على أمثاله على حمزة والعباس وجعفر، وليس الأمر كما زعمت، فان هؤلاء مضوا ولم يدخلوا في الفتن، وسلموا من الدنيا فلم تنقصهم شيئا، فاستوفوا ثوابهم كاملا، وابتلى بذلك أبوك. وكانت بنو أمية تلعنه كما تلعن الكفرة في الصلوات المكتوبات، فأحيينا ذكره وذكرنا فضله وعنفناهم بما نالوا منه، وقد علمت أن مكرمتنا في الجاهلية بسقاية الحجيج الأعظم، وخدمة زمزم، وحكم رسول الله لنا بها.

ولما قحط الناس زمن عمر استسقى بأبينا العباس، وتوسل به إلى ربه وأبوك حاضر، وقد علمت أنه لم يبق أحد من بنى عبد المطلب بعد رسول الله إلا العباس، فالسقاية سقايته، والوراثة وراثته، والخلافة في ولده، فلم يبق شرف في الجاهلية والإسلام إلا والعباس وارثه ومورثه، في كلام طويل فيه بحث ومناظرة وفصاحة. وقد استقصاه ابن جرير بطوله والله سبحانه أعلم.

[فصل]

[في ذكر مقتل محمد بن عبد الله بن حسن]

بعث محمد بن عبد الله بن حسن في غبون ذلك رسولا إلى أهل الشام يدعوهم إلى بيعته وخلافته فأبوا قبول ذلك منه، وقالوا: قد ضجرنا من الحروب ومللنا من القتال. وجعل يستميل رءوس أهل المدينة، فمنهم من أجابه ومنهم من امتنع عليه، وقال له بعضهم: كيف أبايعك وقد ظهرت في بلد ليس فيه مال تستعين به على استخدام الرجال؟ ولزم بعضهم منزله فلم يخرج حتى قتل محمد. وبعث محمد هذا الحسين بن معاوية في سبعين رجلا ونحوا من عشرة فوارس إلى مكة نائبا إن هو دخلها

<<  <  ج: ص:  >  >>