[وعمارة اليمنى الشاعر]
وكان عمارة شاعرا مطيقا بليغا فصيحا، لا يلحق شأوه في هذا الشأن، وله ديوان شعر مشهور وقد ذكرته في طبقات الشافعية لأنه كان يشتغل بمذهب الشافعيّ، وله مصنف في الفرائض، وكتاب الوزراء الفاطميين، وكتاب جمع سيرة نفيسة التي كان يعتقدها عوام مصر، وقد كان أديبا فاضلا فقيها، غير أنه كان ينسب إلى موالاة الفاطميين، وله فيهم وفي وزرائهم وأمرائهم مدائح كثيرة جدا وأقل ما كان ينسب إلى الرفض، وقد اتهم بالزندقة والكفر المحض، وذكر العماد في الجريدة أنه قال في قصيدته التي يقول في أولها:
العلم مذ كان محتاج إلى العلم … وشفرة السيف تستغني عن القلم
وهي طويلة جدا، فيها كفر وزندقة كثيرة. قال وفيها:
قد كان أول هذا الدين من رجل … سعى إلى أن دعوه سيد الأمم
قال العماد فأفتى أهل العلم من أهل مصر بقتله، وحرضوا السلطان على المثلة به وبمثله، قال ويجوز أن يكون هذا البيت معمولا عليه والله أعلم. وقد أورد ابن الساعي شيئا من رقيق شعره فمن ذلك قوله يمدح بعض الملوك:
إذا قابلت بشرى جبينه … فارقته والبشر فوق جبيني
وإذا لثمت يمينه وخرجت من … بابه لثم الملوك يميني
ومن ذلك قوله:
لي في هوى الرشا العذري إعذار … لم يبق لي مدا قسر الدمع إنكار
لي في القدود وفي لثم الخدود … وفي ضم النهود لبانات وأوطار
هذا اختياري فوافق إن رضيت به … وإلا فدعني لما أهوى وأختار
ومما أنشده الكندي في عمارة اليمنى حين صلب:
عمارة في الإسلام أبدى جناية … وبايع فيها بيعة وصليبا
وأمسى شريك الشرك في بعض أحمد … وأصبح في حب الصليب صليبا
سيلقى غدا ما كان يسعى لنفسه … ويسقى صديدا في لظى وصليبا
قال الشيخ أبو شامة: فالأول صليب النصارى، والثاني بمعنى مصلوب، والثالث بمعنى القوى، والرابع ودك العظام. ولما صلب الملك الناصر هؤلاء يوم السبت الثاني من شهر رمضان من هذه السنة بين القصرين من القاهرة، كتب إلى الملك نور الدين يعلمه بما وقع منهم وبهم من الخزي والنكال، قال العماد: فوصل الكتاب بذلك يوم توفى الملك نور الدين رحمه الله تعالى،