للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شتاء وصيفا، ويظهر الزهد، وحين توفى وجد له أربعة آلاف دينار مدفونة، فتعجب الناس من حاليهما فرحم الله الأول وسامح الثاني.

[الوزير عميد الدولة بن جهير]

محمد بن أبى نصر بن محمد بن جهير الوزير، أبو منصور، كان أحد رؤساء الوزراء، خدم ثلاثة من الخلفاء، وزر لاثنين منهم، وكان حليما قليل العجلة، غير أنه كان يتكلم فيه بسبب الكبر، وقد ولى الوزارة مرات، يعزل ثم يعاد، ثم كان آخرها هذه المرة حبس بدار الخلافة فلم يخرج من السجن إلا ميتا، في شوال منها.

[ابن جزلة الطبيب]

يحيى بن عيسى بن جزلة صاحب المنهاج في الطب، كان نصرانيا ثم كان يتردد إلى الشيخ أبى على بن الوليد المغربي يشتغل عليه في المنطق، وكان أبو على يدعوه إلى الإسلام ويوضح له الدلالات حتى أسلم وحسن إسلامه، واستخلفه الدامغانيّ في كتب السجلات، ثم كان يطبب الناس بعد ذلك بلا أجر، وربما ركب لهم الأدوية من ماله تبرعا، وقد أوصى بكتبه أن تكون وقفا بمشهد أبى حنيفة وإيانا آمين،

[ثم دخلت سنة أربع وتسعين وأربعمائة]

فيها عظم الخطب بأصبهان ونواحيها بالباطنية فقتل السلطان منهم خلقا كثيرا، وأبيحت ديارهم وأموالهم للعامة، ونودي فيهم إن كل من قدرتم عليه منهم فاقتلوه وخذوا ماله، وكانوا قد استحوذوا على قلاع كثيرة، وأول قلعة ملكوها في سنة ثلاث وثمانين، وكان الّذي ملكها الحسن بن صباح، أحد دعاتهم، وكان قد دخل مصر وتعلم من الزنادقة الذين بها، ثم صار إلى تلك النواحي ببلاد أصبهان، وكان لا يدعو إليه من الناس إلا غبيا جاهلا، لا يعرف يمينه من شماله، ثم يطعمه العسل بالجوز والشونيز، حتى يحرق مزاجه ويفسد دماغه، ثم يذكر له أشياء من أخبار أهل البيت، ويكذب له من أقاويل الرافضة الضلال، أنهم ظلموا ومنعوا حقهم الّذي أوجبه الله لهم ورسوله، ثم يقول له فإذا كانت الخوارج تقاتل بنى أمية لعلى، فأنت أحق أن تقاتل في نصرة إمامك على بن أبى طالب، ولا يزال يسقيه العسل وأمثاله ويرقيه حتى يستجيب له ويصير أطوع له من أمه وأبيه، ويظهر له أشياء من المخرقة والنيرنجيات والحيل التي لا تروج إلا على الجهال، حتى التف عليه بشر كثير، وجم غفير، وقد بعث إليه السلطان ملك شاه يتهدده وينهاه عن ذلك، وبعث إليه بفتاوى العلماء، فلما قرأ الكتاب بحضرة الرسول قال لمن حوله من الشباب: إني أريد أن أرسل منكم رسولا إلى مولاه، فاشرأبت وجوه الحاضرين، ثم قال لشاب منهم: اقتل نفسك، فأخرج سكينا

<<  <  ج: ص:  >  >>