قال ابن إسحاق: وكان في حجر باليمن فيما يزعمون كتاب بالزبور كتب بالزمان الأول: لمن ملك ذمار الحمير الأخيار، لمن ملك ذمار للحبشة الأشرار. لمن ملك ذمار لفارس الأحرار، لمن ملك ذمار لقريش التجار. وقد نظم بعض الشعراء هذا المعنى فيما ذكره المسعودي:
حين شدت ذمار قيل لمن أنت … فقالت لحمير الأخيار
ثم سيلت من بعد ذاك فقالت … أنا للحبش أخبث الأشرار
ثم قالوا من بعد ذاك لمن أنت … فقالت لفارس الأحرار
ثم قالوا من بعد ذاك لمن أنت … فقالت الى قريش التجار
ويقال إن هذا الكلام الّذي ذكره محمد بن إسحاق، وجد مكتوبا عند قبر هود ﵇ حين كشفت الريح عن قبره بأرض اليمن وذلك قبل زمن بلقيس بيسير في أيام مالك بن ذي المنار أخى عمرو ذي الإذعار بن ذي المنار ويقال كان مكتوبا على قبر هود أيضا وهو من كلامه ﵇ حكاه السهيليّ والله أعلم.
[قصة الساطرون صاحب الحضر]
وقد ذكر قصته هاهنا عبد الملك بن هشام لأجل ما قاله بعض علماء النسب: ان النعمان بن المنذر الّذي تقدم ذكره في ورود سيف بن ذي يزن عليه وسؤاله في مساعدته في رد ملك اليمن اليه إنه من سلالة الساطرون صاحب الحضر وقد قدمنا عن ابن إسحاق ان النعمان بن المنذر من ذرية ربيعة بن نصر وانه روى عن جبير بن مطعم انه من أشلاء قيصر بن معد بن عدنان فهذه ثلاثة أقوال في نسبه فاستطرد ابن هشام في ذكر صاحب الحضر. والحضر حصن عظيم بناه هذا الملك وهو الساطرون على حافة الفرات وهو منيف مرتفع البناء، واسع الرحبة والفناء، دوره بقدر مدينة عظيمة وهو في غاية الأحكام والبهاء والحسن والسناء، واليه يجبى ما حوله من الأقطار والارجاء. واسم الساطرون الضيزن ابن معاوية بن عبيد بن أجرم من بنى سليح بن حلوان بن الحاف بن قضاعة كذا نسبه ابن الكلبي.
وقال: غيره كان من الجرامقة وكان أحد ملوك الطوائف وكان يقدمهم إذا اجتمعوا لحرب عدو من غيرهم وكان حصنه بين دجلة والفرات.
قال ابن هشام: وكان كسرى سابور ذو الأكتاف غزا الساطرون ملك الحضر وقال غير ابن هشام: انما الّذي غزا صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أول ملوك بنى ساسان أذل ملوك الطوائف ورد الملك الى الأكاسرة. واما سابور ذو الأكتاف بن هرمز فبعد ذلك بدهر طويل والله