للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلم ذكره السهيليّ.

قال ابن هشام: فحصره سنتين وقال غيره أربع سنين، وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته بأرض العراق فأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة فنظرت الى سابور وعليه ثياب ديباج وعلى رأسه تاج من ذهب مكال بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ وكان جميلا، فدست اليه أتتزوجني ان فتحت لك باب الحضر. فقال: نعم! فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت الا سكران فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه وبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب ويقال بل دلتهم على نهر يدخل منه الماء متسع فولجوا منه الى الحضر، ويقال بل دلتهم على طلسم كان في الحضر وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء وتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء ثم ترسل فإذا وقعت على سور الحضر سقط ذلك الطلسم فيفتح الباب ففعل ذلك فانفتح الباب، فدخل سابور فقتل ساطرون واستباح الحضر وخربه وسار بها معه فتزوجها فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تململ لا تنام فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد عليه ورقة آس. فقال لها سابور أهذا الّذي أسهرك! قالت نعم؟ قال فما كان أبوك يصنع بك قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسنى الحرير ويطعمنى المخ ويسقيني الخمر. قال: أفكان جزاء أبيك ما صنعت به. أنت الى بذلك أسرع، فربطت قرون رأسها بذنب فرس ثم ركض الفرس حتى قتلها ففيه يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة:

ألم تر للحضر إذ أهله … بنعمى وهل خالد من نعم (١)

أقام به شاهبور الجنود … حولين تضرب فيه القدم

فلما دعا ربه دعوة … أناب اليه فلم ينتقم

فهل زاده ربه قوة … ومثل مجاوره لم يقم

وكان دعا قومه دعوة … هلموا إلى أمركم قد صرم

فموتوا كراما بأسيافكم … أرى الموت يجشمه من جشم

وقال عدي بن زيد في ذلك:

والحضر صابت عليه داهية … من فوقه أيد مناكبها

ربية لم توق والدها … لحينها إذ أضاع راقبها

إذ غبقته صهباء صافية … والخمر وهل يهيم شاربها

فأسلمت أهلها بليلتها … تظن أن الرئيس خاطبها


(١) كذا في سيرة ابن هشام والّذي في معجم البلدان وهل خالد من سلم انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>