أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك وغفر له ما فرّط فيه من حقك. قال فاصفر لون المنصور وأقبل عليه وقال له: يا أبا خالد مرحبا وأهلا، هاهنا فاجلس. فعلم الناس أن ذلك وقع منه موقعا جيدا.
فجعل كل من جاء يقول كما قال جعفر بن حنظلة. قال أبو نعيم الفضل بن دكين: كان مقتل إبراهيم في يوم الخميس لخمس بقين من ذي الحجة من هذه السنة.
[ذكر من توفى فيها من الأعيان]
فمن أعيان أهل البيت عبد الله بن حسن وابناه محمد وإبراهيم، وأخوه حسن بن حسن، وأخوه لأمه محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الملقب بالديباج. وقد تقدمت ترجمته.
وأما أخوه عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمي فتابعي، روى عن أبيه وأمه فاطمة بنت الحسين وعبد الله بن جعفر بن أبى طالب، وهو صحابى جليل، وغيرهم.
وروى عنه جماعة منهم سفيان الثوري والدراوَرْديّ ومالك، وكان معظما عند العلماء، وكان عابدا كبير القدر. قال يحيى بن معين: كان ثقة صدوقا، وفد على عمر بن عبد العزيز فأكرمه، ووفد على السفاح فعظمه وأعطاه ألف ألف درهم، فلما ولى المنصور عامله بعكس ذلك، وكذلك أولاده وأهله، وقد مضوا جميعا والتقوا عند الله ﷿، وأخذه المنصور وأهل بيته مقيدين مغلولين مهانين من المدينة إلى الهاشمية، فأودعهم السجن الضيق كما قدمنا، فمات أكثرهم فيه، فكان عبد الله بن حسن هد أول من مات فيه بعد خروج ولده محمد بالمدينة، وقد قيل إنه قتل في السجن عمدا.
وكان عمره يوم مات خمسا وسبعين سنة، وصلى عليه أخوه لأمه الحسن بن الحسن بن على. ثم مات بعده أخوه حسن فصلى عليه أخوه لأمه محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان. ثم قتل بعدهما وحمل رأسه إلى خراسان كما تقدم.
وأما ابنه محمد الّذي خرج بالمدينة فروى عن أبيه ونافع، وعن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة في كيفية الهوىّ إلى السجود، وحدث عنه جماعة، ووثقه النسائي وابن حبان وقال البخاري: لا يتابع على حديثه. وقد ذكر أن أمه حملت به أربع سنين، وكان طويلا سمينا أسمر ضخما ذا همة سامية، وسطوة عالية وشجاعة باهرة، قتل بالمدينة في منتصف رمضان سنة خمس وأربعين ومائة، وله خمس وأربعون سنة. وقد حملوا برأسه إلى المنصور، وطيف به طيف به في الأقاليم.
وأما أخوه إبراهيم فكان ظهوره بالبصرة بعد ظهور أخيه بالمدينة وكان مقتله بعد مقتل أخيه في ذي الحجة ممن هذه السنة وليس له شيء في الكتب الستة، وحكى أبو داود السجستاني عن أبى عوانة أنه قال: كان إبراهيم وأخوه محمد خارجين. قال داود: ليس كما قال، هذا رأى الزيدية. قلت:
وقد حكى عن جماعة من العلماء والأئمة أنهم مالوا إلى ظهورهما.