الأثير: في رجب منها اجتمع جماعة من الصوفية برباط ببغداد في سماع فأنشدهم، وهو الجمال الحلي:
أعاذلتي أقصرى … كفى بمشيبى عذل
شباب كأن لم يكن … ومشيب كأن لم يزل
وبثي ليال الوصال … أواخرها والأول
وصفرة لون المحبب … عند استماع الغزل
لئن عاد عتبى لكم … حلالي العيش واتصل
فلست أبالى بما نالني … ولست أبالى بأهل ومل
قال فتحرك الصوفية على العادة فتواجد من بينهم رجل يقال له أحمد الرازيّ فخر مغشيا عليه، فحركوه فإذا هو ميت. قال: وكان رجلا صالحا، وقال ابن الساعي كان شيخا صالحا صحب الصدر عبد الرحيم شيخ الشيوخ فشهد الناس جنازته، ودفن بباب أبرز.
[وفيها توفى من الأعيان.]
[أبو القاسم بهاء الدين]
الحافظ ابن الحافظ أبو القاسم على بن هبة الله بن عساكر. كان مولده في سنة سبع وعشرين وخمسمائة، أسمعه أبوه الكثير، وشارك أباه في أكثر مشايخه، وكتب تاريخ أبيه مرتين بخطه، وكتب الكثير وأسمع وصنف كتبا عدة، وخلف أباه في إسماع الحديث بالجامع الأموي، ودار الحديث النورية. مات يوم الخميس ثامن صفر ودفن بعد العصر على أبيه بمقابر باب الصغير شرقى قبور الصحابة خارج الحظيرة.
[الحافظ عبد الغنى المقدسي]
ابن عبد الواحد بن على بن سرور الحافظ أبو محمد المقدسي، صاحب التصانيف المشهورة، من ذلك الكمال في أسماء الرجال، والأحكام الكبرى والصغرى وغير ذلك، ولد بجماعيل في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وهو أسن من عميه الامام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، والشيخ أبى عمر، بأربعة أشهر، وكان قدومهما مع أهلهما من بيت المقدس إلى مسجد أبى صالح، خارج باب شرقى أولا، ثم انتقلوا إلى السفح فعرفت محلة الصالحية بهم، فقيل لها الصالحية، فسكنوا الدير، وقرأ الحافظ عبد الغنى القرآن وسمع الحديث وارتحل هو والموفق إلى بغداد سنة ستين وخمسمائة، فأنزلهما الشيخ عبد القادر عنده في المدرسة، وكان لا يترك أحدا ينزل عنده، ولكن توسم فيهما الخير والنجابة والصلاح فأكرمهما وأسمعهما، ثم توفى بعد مقدمهما بخمسين ليلة ﵀، وكان ميل عبد الغنى إلى الحديث وأسماء الرجال، وميل الموفق إلى الفقه واشتغلا على الشيخ أبى الفرج ابن الجوزي، وعلى الشيخ أبى الفتح ابن المنى، ثم قدما دمشق بعد أربع سنين