تعد، وأخذوا ما كان على الصلبان والحيطان، والحمد لله الرحيم الرحمن، الّذي ما شاء كان، ثم اقترع ملوك الفرنج وكانوا ثلاثة وهم دوقس البنادقة، وكان شيخا أعمى يقاد فرسه، ومركيس الافرنسيس وكندا بلند، وكان أكثرهم عددا وعددا. فخرجت القرعة له ثلاث مرات، فولوه ملك القسطنطينية وأخذ الملكان الآخران بعض البلاد، وتحول الملك من الروم إلى الفرنج بالقسطنطينية في هذه السنة ولم يبق بأيدي الروم هنالك إلا ما وراء الخليج، استحوذ عليه رجل من الروم يقال له تسكرى، ولم يزل مالكا لتلك الناحية حتى توفى. ثم إن الفرنج قصدوا بلاد الشام وقد تقووا بملكهم القسطنطينية فنزلوا عكا وأغاروا على كثير من بلاد الإسلام من ناحية الغور وتلك الأراضي، فقتلوا وسبوا، فنهض إليهم العادل وكان بدمشق، واستدعى الجيوش المصرية والشرقية ونازلهم بالقرب من عكا، فكان بينهم قتال شديد وحصار عظيم، ثم وقع الصلح بينهم والهدنة وأطلق لهم شيئا من البلاد فانا لله وإنا إليه راجعون.
وفيها جرت حروب كثيرة بين الخوارزمية والغورية بالمشرق يطول ذكرها. وفيها تحارب صاحب الموصل نور الدين وصاحب سنجار قطب الدين وساعد الأشرف بن العادل القطب، ثم اصطلحوا وتزوج الأشرف أخت نور الدين، وهي الأتابكية بنت عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي، واقفة الأتابكية التي بالسفح، وبها تربتها. وفيها كانت زلزلة عظيمة بمصر والشام والجزيرة وقبرص وغيرها من البلاد. قاله ابن الأثير في كامله. وفيها تغلب رجل من التجار يقال له محمود بن محمد الحميري على بعض بلاد حضرموت ظفار وغيرها، واستمرت أيامه إلى سنة تسع عشرة وستمائة وما بعدها.
وفي جمادى الأولى منها عقد مجلس لقاضى القضاة ببغداد وهو أبو الحسن على بن عبد الله بن سليمان الجيلي بدار الوزير، وثبت عليه محضر بأنه يتناول الرشا فعزل في ذلك المجلس وفسق ونزعت الطرحة عن رأسه، وكانت مدة ولايته سنتين وثلاثة أشهر.
وفيها كانت وفاة الملك ركن الدين بن قلج أرسلان، كان ينسب إلى اعتقاد الفلاسفة، وكان كهفا لمن ينسب إلى ذلك، وملجأ لهم، وظهر منه قبل موته تجهرم عظيم، وذلك أنه حاصر أخاه شقيقه - وكان صاحب أنكوريّة، وتسمى أيضا أنقرة - مدة سنين حتى ضيق عليه الأقوات بها فسلمها إليه قسرا، على أن يعطيه بعض البلاد. فلما تمكن منه ومن أولاده أرسل إليهم من قتلهم غدرا وخديعة ومكرا فلم ينظر بعد ذلك إلا خمسة أيام فضربه الله تعالى بالقولنج سبعة أيام ومات ﴿فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ﴾ وقام بالملك من بعده ولده أفلح أرسلان، وكان صغيرا فبقي سنة واحدة، ثم نزع منه الملك وصار إلى عمه كنخسرو. وفيها قتل خلق كثير من الباطنية بواسط. قال ابن