سُرَاقَةُ بْنُ كَعْبٍ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ
الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ الْمَعْرُوفِينَ وَالْأَبْطَالِ الْمَشْهُورِينَ كأبيه، وكان قد عظم ببلاد الشام لذلك حَتَّى خَافَ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ، وَمَاتَ وَهُوَ مَسْمُومٌ رحمه الله وأكرم مثواه، قال ابْنُ مَنْدَهْ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ: أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبَى عُمَرَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ رَوَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ قال البخاري: وهو منقطع- يعنى مرسلا- وَكَانَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ مَدَّاحًا لَهُ وَلِأَخَوَيْهِ مهاجر وعبد الله. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ فِي أَهْلِ الشَّامِ، شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ: كَانَ يَلِي الصَّوَائِفَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَقَدْ حَفِظَ عَنْ مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ ابْنُ أُثَالٍ- وَكَانَ رَئِيسَ الذِّمَّةِ بِأَرْضِ حِمْصَ- سَقَاهُ شَرْبَةً فِيهَا سُمٌّ فَمَاتَ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ مُعَاوِيَةَ لَهُ فِي ذلك ولا يصح. ورثاه بعضهم فقال:
أبوك الّذي قاد الجيوش مغرّيا ... إِلَى الرُّومِ لَمَّا أَعْطَتِ الْخَرْجَ فَارِسُ
وَكَمْ من فتى نبهّته بعد هجعة ... بقرع لجام وَهُوَ أَكْتَعُ نَاعِسُ
وَمَا يَسْتَوِي الصَّفَّانِ صَفٌّ لِخَالِدٍ ... وَصَفٌّ عَلَيْهِ مِنْ دِمَشْقَ الْبَرَانِسُ
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خالد قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: ما فعل ابن أثال؟ فسكت، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حِمْصَ فَثَارَ عَلَى ابْنِ أثال فقتله، فَقَالَ: قَدْ كَفَيْتُكَ إِيَّاهُ وَلَكِنْ مَا فَعَلَ ابن جرموز؟ فسكت عروة ومحمد بْنُ مَسْلَمَةَ فِي قَوْلٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ (هَرِمُ بن حبان العبديّ) وهو أَحَدَ عُمَّالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَقِيَ أُوَيْسًا الْقَرْنِيَّ وَكَانَ مِنْ عُقَلَاءِ النَّاسِ وَعُلَمَائِهِمْ، وَيُقَالُ إنه لما دفن جاءت سحابة فروت قَبْرَهُ وَحْدَهُ، وَنَبَتَ الْعُشْبُ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهِ والله أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ
فِيهَا شَتَّى الْمُسْلِمُونَ بِبِلَادِ الرُّومِ، وَفِيهَا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ ديار مصر وولى عليها معاوية بن خديج، وحج بالناس عتبة، وَقِيلَ أَخُوهُ عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فاللَّه أَعْلَمُ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ، كَانَ مِنْ سَادَاتِ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَكَانَ مِمَّنْ حَرَّمَ الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ والإسلام، وَذَلِكَ أَنَّهُ سَكِرَ يَوْمًا فَعَبِثَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَهَرَبَتْ مِنْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ في ذلك فقال في ذلك:
رأيت الخمر منقصة وَفِيهَا ... مَقَابِحُ تَفْضَحُ الرَّجُلَ الْكَرِيمَا
فَلَا وَاللَّهِ أَشْرَبُهَا حَيَاتِي ... وَلَا أَشْفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيمًا
وَكَانَ إِسْلَامُهُ مَعَ وَفْدِ بَنَى تَمِيمٍ، وَفِي بعض الأحاديث أن رسول الله قَالَ: «هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ»