حكيم، ترد على عملي ولا تغضب، قال ابن عامر: قد فعلت، قال معاوية: وتهب لي مالك بعرفة، قال: قد فعلت. قال: وتهب لي دورك بمكة، قال: قد فعلت. فقال له معاوية: وصلتك رحما، فقال ابن عامر: يا أمير المؤمنين وإني سائلك ثلاثا فقل هي لك وأنا ابن هند، قال: ترد على مالي بعرفة، قال: قد فعلت قال ولا تحاسب: لي عاملا ولا أميرا، قال: قد فعلت، قال: وتنكحني ابنتك هندا، قال: قد فعلت. ويقال إن معاوية خيره بين هذه الثلاث وبين الولاية على البصرة فاختار هذه الثلاث واعتزل عن البصرة. قال ابن جرير: وفي هذه السنة استلحق معاوية زياد ابن أبيه فألحقه بأبي سفيان، وذلك أن رجلا شهد على إقرار أبى سفيان أنه عاهر بسمية أم زياد في الجاهلية، وأنها حملت بزياد هذا منه، فلما استلحقه معاوية قيل له زياد بن أبى سفيان، وقد كان الحسن البصري ينكر هذا الاستلحاق ويقول:
قال رسول الله ﷺ:«الولد للفراش وللعاهر الحجر». وقال أحمد: ثنا هشيم ثنا خالد عن أبى عثمان قال: لما ادعى زياد لقيت أبا بكرة فقلت:
ما هذا الّذي صنعتم؟
سمعت سعد بن أبى وقاص يقول: سمعت أذنى رسول الله ﷺ يقول: «من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام» فقال أبو بكرة: وأنا سمعته من رسول الله ﷺ، أخرجاه من حديث أبى عثمان عنهما. قلت: أبو بكرة واسمه نفيع وأمه سمية أيضا. وحج بالناس في هذه السنة معاوية، وفيها عمل معاوية المقصورة بالشام، ومروان مثلها بالمدينة.
وفي هذه السنة توفيت أم حبيبة بنت أبى سفيان أم المؤمنين، واسمها رملة أخت معاوية، أسلمت قديما وهاجرت هي وزوجها عبد الله بن جحش إلى أرض الحبشة فتنصر هناك زوجها، وثبتت على دينها ﵂، وحبيبة هي أكبر أولادها منه، ولدتها بالحبشة وقيل بمكة قبل الهجرة، ومات زوجها هنالك لعنة الله وقبحه. ولما تأيمت من زوجها بعث رسول الله ﷺ عمرو بن أمية الضمريّ إلى النجاشي فزوجها منه، وولى العقد خالد بن سعيد بن العاص، وأصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار وحملها إليه في سنة سبع، ولما جاء أبوها عام الفتح ليشهد العقد دخل عليها فثنت عنه فراش رسول الله فقال لها: والله يا بنية ما أدرى أرغبت بهذا الفراش عنى أم بى عنه؟ فقالت: بل هو فراش رسول الله وأنت رجل مشرك، فقال لها: والله يا بنية لقد لقيت بعدي شرا. وقد كانت من سيدات أمهات المؤمنين ومن العابدات الورعات ﵂. قال محمد بن عمر الواقدي:
حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبى سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عوف بن الحارث قال: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها فقالت: قد يكون بيننا ما يكون بين الضرائر. فقلت:
يغفر الله لي ولك، ما كان من ذلك كله وتجاوزت وحاللتك، فقالت: سررتينى سرك الله. وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك.