للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال فدعتني ثقيف فقالوا ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش نحن أعلم بصاحبنا، لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه. وثبت في الصحيحين من طريق عبد الله بن وهب (١) أخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرنى عروة بن الزبير أن عائشة حدثته أنها قالت لرسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: «ما لقيت من قومك كان أشد منه يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتنى، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث لك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم. ثم ناداني ملك الجبال فسلم على ثم قال يا محمد قد بعثني الله إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال قد بعثني إليك ربك لتأمرنى ما شئت إن شئت تطبق عليهم الاخشبين؟ فقال رسول الله : «أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا».

[فصل]

وقد ذكر محمد بن إسحاق سماع الجن لقراءة رسول الله وذلك مرجعه من الطائف حين بات بنخلة وصلّى بأصحابه الصبح فاستمع الجن الذين صرفوا اليه قراءته هنالك. قال ابن إسحاق وكانوا سبعة نفر، وأنزل الله تعالى فيهم قوله ﴿وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ﴾.

قلت: وقد تكلمنا على ذلك مستقصى في التفسير، وتقدم قطعة من ذلك والله أعلم. ثم دخل رسول الله مكة مرجعه من الطائف في جوار المطعم بن عدي وازداد قومه عليه حنقا وغيظا وجرأة وتكذيبا وعنادا والله المستعان وعليه التكلان.

وقد ذكر الأموي في مغازيه أن رسول الله بعث أريقط إلى الأخنس بن شريق فطلب منه أن يجيره بمكة. فقال: إن حليف قريش لا يجير على صميمها. ثم بعثه إلى سهيل بن عمرو ليجيره فقال: إن بنى عامر بن لؤيّ لا تجير على بنى كعب بن لؤيّ. فبعثه إلى المطعم بن عدي ليجيره فقال نعم! قل له فليأت. فذهب اليه رسول الله فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح خرج معه هو وبنوه ستة - أو سبعة - متقلدي السيوف جميعا فدخلوا المسجد وقال لرسول الله : طف واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف، فاقبل أبو سفيان إلى مطعم. فقال: أمجير أو تابع؟ قال لا بل مجير. قال إذا لا تخفر. فجلس معه حتى قضى رسول الله طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه. وذهب أبو


(١) وفي السهيليّ: عبد الله بن يوسف وهو خطأ. وانما هو عبد الله بن وهب الفهميّ القرشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>