للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حبلة (١) من عنب فجلس فيه وابنا ربيعة ينظران اليه ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف، وقد لقي رسول الله فيما ذكر لي - المرأة التي من بنى جمح، فقال لها ماذا لقينا من أحمائك. فلما اطمأن قال - فيما ذكر - «اللهمّ إليك أشكو ضعف قوتي وهو انى على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربى الى من تكلني، الى بعيد يتجهمني أم الى عدو ملكته أمرى. إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بى غضبك أو تحل على سخطك لك العتبى حتى ترضى لا حول ولا قوة الا بك». قال فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس [وقالا له] خذ قطفا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به الى ذلك الرجل فقل له يأكل منه. ففعل عداس ثم ذهب به حتى وضعه بين يدي رسول الله ثم قال له كل، فلما وضع رسول الله يده فيه قال: «بسم الله» ثم أكل، ثم نظر عداس في وجهه ثم قال: والله ان هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول الله ومن أهل أي بلاد أنت يا عداس وما دينك؟ قال نصراني وأنا رجل من أهل نينوى. فقال رسول الله من قرية الرجل الصالح يونس بن متى. فقال له عداس وما يدريك ما يونس بن متى؟ فقال رسول الله ذلك أخي كان نبيا وأنا نبي. فأكب عداس على رسول الله يقبل رأسه ويديه وقدميه. قال يقول أبناء ربيعة أحدهما لصاحبه اما غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاء عداس قالا له ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا لقد أخبرني بأمر ما يعلمه الا نبيّ. قالا له: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فان دينك خير من دينه.

وقد ذكر موسى بن عقبة نحوا من هذا السياق الا انه لم يذكر الدعاء وزاد، وقعد له أهل الطائف صفين على طريقه، فلما مر جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما الا رضخوهما بالحجارة حتى أدموه فخلص منهم وهما يسيلان الدماء فعمد إلى ظل نخلة وهو مكروب وفي ذلك الحائط عتبة وشيبة ابنا ربيعة، فكره مكانهما لعداوتهما الله ورسوله. ثم ذكر قصة عداس النصراني كنحو ما تقدم.

وقد روى الامام احمد عن أبى بكر بن أبى شيبة حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عبد الرحمن بن خالد بن أبى جبل العدوانيّ عن أبيه أنه أبصر رسول الله في مشرق ثقيف وهو قائم على قوس - أو عصى - حين أتاهم يبتغى عندهم النصر، فسمعته يقول: «والسماء والطارق» حتى ختمها. قال فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها في الإسلام


(١) في النهاية: الحبلة الأصل أو القضيب من شجر الأعناب. وزاد في السهيليّ والكرمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>