مرات ثم خرجت روحه ﵀. توفى يوم الثلاثاء الثاني من شوال منها ودفن بداره بدار القطن.
محمد بن سعيد أبو بكر الحربي الزاهد، ويعرف بابن الضرير، كان ثقة صالحا عابدا. ومن كلامه:
دافعت الشهوات حتى صارت شهوتي المدافعة.
[ثم دخلت سنة ثنتين وخمسين وثلاثمائة]
في عاشر المحرم من هذه السنة أمر معز الدولة بن بويه قبحه الله أن تغلق الأسواق وأن يلبس النساء المسوح من الشعر وأن يخرجن في الأسواق حاسرات عن وجوههن، ناشرات شعورهن يلطمن وجوههن ينحن على الحسين بن على بن أبى طالب، ولم يمكن أهل السنة منع ذلك لكثرة الشيعة وظهورهم، وكون السلطان معهم. وفي عشر ذي الحجة منها أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد، وأن تضرب الدبادب والبوقات، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء وعند الشرط، فرحا بعيد الغدير - غدير خم - فكان وقتا عجيبا مشهودا، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة. وفيها أغارت الروم على الرها، فقتلوا وأسروا ورجعوا موقرين، ثم ثارت الروم بملكهم فقتلوه وولوا غيره، ومات الدمستق أيضا ملك الأرمن واسمه النقفور، وهو الّذي أخذ حلب وعمل فيها ما عمل، وولوا غيره.
[ترجمة النقفور ملك الأرمن واسمه الدمستق]
الّذي توفى في سنة ثنتين - وقيل خمس وقيل ست - وخمسين وثلاثمائة لا ﵀.
كان هذا الملعون من أغلظ الملوك قلبا، وأشدهم كفرا، وأقواهم بأسا، وأحدهم شوكة، وأكثرهم قتلا وقتالا للمسلمين في زمانه، استحوذ في أيامه لعنه الله على كثير من السواحل، وأكثرها انتزعها من أيدي المسلمين قسرا، واستمرت في يده قهرا، وأضيفت إلى مملكة الروم قدرا. وذلك لتقصير أهل ذلك الزمان، وظهور البدع الشنيعة فيهم وكثرة العصيان من الخاص والعام منهم، وفشو البدع فيهم، وكثرة الرفض والتشيع منهم، وقهر أهل السنة بينهم، فلهذا أديل عليهم أعداء الإسلام، فانتزعوا ما بأيديهم من البلاد مع الخوف الشديد ونكد العيش والفرار من بلاد إلى بلاد، فلا يبيتون ليلة إلا في خوف من قوارع الأعداء وطوارق الشرور المترادفة، فالله المستعان. وقد ورد حلب في مائتي ألف مقاتل بغتة في سنة إحدى وخمسين، وجال فيها جولة. ففر من بين يديه صاحبها سيف الدولة ففتحها اللعين عنوة، وقتل من أهلها من الرجال والنساء ما لا يعلمه إلا الله، وخرب دار سيف الدولة التي كانت ظاهر حلب، وأخذ أموالها وحواصلها وعددها وبدد شملها، وفرق عددها، واستفحل أمر الملعون بها ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. وبالغ في الاجتهاد في قتال الإسلام وأهله، وجد في التشمير فالحكم لله العلى الكبير. وقد كان لعنه الله لا يدخل في بلد إلا قتل