ابن يزيد وحبيب بن يسار عن سويد بن غفلة قال: إني لأمشى مع على بشط الفرات فقال: قال رسول الله ﷺ: «إن بنى إسرائيل اختلفوا فلم يزل اختلافهم بينهم حتى بعثوا حكمين فضلا وأضلاّ، وإن هذه الأمة ستختلف فلا يزال اختلافهم بينهم حتى يبعثوا حكمين فيضلان ويضلان من أتبعهما» فإنه حديث منكر ورفعه موضوع والله أعلم. إذ لو كان هذا معلوما عند على لم يوافق على تحكيم الحكمين حتى لا يكون سببا لا ضلال الناس، كما نطق به هذا الحديث. وآفة هذا الحديث هو زكريا بن يحيى وهو الكندي الحميري الأعمى قال ابن معين ليس بشيء.
[ذكر خروج الخوارج من الكوفة ومبارزتهم عليا ﵁ بالعداوة والمخالفة وقتال على إياهم وما ورد فيهم من الأحاديث]
لما بعث على أبا موسى ومن معه من الجيش إلى دومة الجندل اشتد أمر الخوارج وبالغوا في النكير على عليّ وصرحوا بكفره، فجاء إليه رجلان منهم، وهما زرعة بن البرج الطائي، وحرقوص بن زهير السعدي فقالا: لا حكم إلا لله، فقال على: لا حكم إلا لله، فقال له حرقوص: تب من خطيئتك واذهب بنا إلى عدونا حتى نقاتلهم حتى نلقى ربنا. فقال على: قد أردتكم على ذلك فأبيتم، وقد كتبنا بيننا وبين القوم عهودا وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ﴾ الآية فقال له حرقوص:
ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه، فقال على: ما هو بذنب ولكنه عجز من الرأى، وقد تقدمت إليكم فيما كان منه، ونهيتكم عنه، فقال له زرعة بن البرج: أما والله يا على لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله لأقاتلنك أطلب بذلك رحمة الله ورضوانه، فقال على: تبا لك ما أشقاك! كأنى بك قتيلا تسفى عليك الريح، فقال: وددت أن قد كان ذلك، فقال له على: إنك لو كنت محقا كان في الموت تعزية عن الدنيا، ولكن الشيطان قد استهواكم. فخرجا من عنده يحكمان وفشا فيهم ذلك، وجاهروا به الناس، وتعرضوا لعلى في خطبه وأسمعوه السب والشتم والتعريض بآيات من القرآن، وذلك أن عليا قام خطيبا في بعض الجمع فذكر أمر الخوارج فذمه وعابه. فقام جماعة منهم كل يقول لا حكم إلا لله، وقام رجل منهم وهو واضع إصبعه في أذنيه يقول: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾
فجعل على يقلب يديه هكذا وهكذا وهو على المنبر ويقول: حكم الله ننتظر فيكم. ثم قال: إن لكم علينا أن لا نمنعكم مساجدنا ما لم تخرجوا علينا ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا تقاتلكم حتى تقاتلونا. وقال أبو مخنف عن عبد الملك عن أبى حرّة أن عليا لما بعث أبا موسى لإنفاذ الحكومة اجتمع الخوارج في منزل عبد الله بن وهب الراسبي فخطبهم خطبة بليغة زهدهم في هذه الدنيا ورغبهم في الآخرة والجنة،