اصطلحا. وفي يوم الجمعة نصف ذي القعدة جلس ابن العبادي الواعظ فتكلم والسلطان مسعود حاضر، وكان قد وضع على الناس في البيع مكسا فاحشا، فقال في جملة وعظه: يا سلطان العالم، أنت تطلق في بعض الأحيان للمغنى إذا طربت قريبا مما وضعت على المسلمين من هذا المكس، فهبني مغنيا وقد طربت فهب لي هذا المكس شكرا لنعم الله عليك. فأشار السلطان بيده أن قد فعلت، فضج الناس بالدعاء له، وكتب بذلك سجلات، ونودي في البلد بإسقاط ذلك المكس، ففرح الناس بذلك ولله الحمد والمنة. وفيها قل المطر جدا، وقلت مياه الأنهار، وانتشر جراد عظيم، وأصاب الناس داء في حلوقهم، فمات بذلك خلائق كثيرة ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. وفيها قتل الملك عماد الدين زنكي بن قيم الدولة التركي صاحب الموصل، وحلب وغيرها من البلاد الشامية والجزيرة، وكان محاصرا قلعة جعبر، وفيها شهاب الدين سالم بن مالك العقيلي، فبرطل بعض مماليك زنكي حتى قتلوه في الليلة الخامسة من ربيع الأول من هذه السنة. قال العماد الكاتب: كان سكرانا فالله أعلم. وقد كان زنكي من خيار الملوك وأحسنهم سيرة وشكلا، وكان شجاعا مقداما حازما، خضعت له ملوك الأطراف، وكان من أشد الناس غيرة على نساء الرعية، وأجود الملوك معاملة، وأرفقهم بالعامة، وقام بالأمر من بعده بالموصل ولده سيف الدولة، وبحلب نور الدين محمود، فاستعاد نور الدين هذا مدينة الرها، وكان أبوه قد فتحها. فلما مات عصوا فقهرهم نور الدين. وفيها ملك عبد المؤمن صاحب المغرب وخادم ابن تومرت جزيرة الأندلس، بعد حروب طويلة. وفيها ملكت الفرنج مدينة طرابلس الغرب، وفيها استعاد صاحب دمشق مدينة بعلبكّ. وفيها جاء نجم الدين أيوب إلى صاحب دمشق فسلمه القلعة وأعطاه أمزبه عنده بدمشق. وفيها قتل السلطان مسعود حاجبه عبد الرحمن بن طغرلبك وقتل عباسا صاحب الري، وألقى رأسه إلى أصحابه فانزعج الناس ونهبوا خيام عباس هذا، وقد كان عباس من الشجعان المشهورين، قاتل الباطنية مع مخدومه جوهر، فلم يزل يقتل منهم حتى بنى مئذنة من رءوسهم بمدينة الري. وفيها مات نقيب النقباء ببغداد محمد بن طراد الزينبي، فتولى بعده على بن طلحة الزينبي. وفيها سقط جدار على ابنة الخليفة، وكانت قد بلغت مبالغ النساء، فماتت فحضر جنازتها الأعيان. وحج بالناس قطز الخادم.
[وممن توفى فيها من الأعيان.]
[زنكي بن آقسنقر]
تقدم ذكر شيء من ترجمته، وهو أبو نور الدين محمود الشهيد، وقد أطنب الشيخ أبو شامة في الروضتين في ترجمته، وما قيل فيه من نظم ونثر ﵀.
[سعد الخير]
محمد بن سهل بن سعد، أبو الحسن المغربي الأندلسى الأنصاري، رحل وحصل كتبا نفيسة،