للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجذع * وقد جمع ابن أبى الدنيا كتابا فيمن عاش بعد الموت، وذكر منها كثيرا، وقد ثبت عن أنس أنه قال: دخلنا على رجل من الأنصار وهو مريض يعقل فلم نبرح حتى قبض، فبسطنا عليه ثوبه وسجيناه، وله أم عجوز كبيرة عند رأسه، فالتفت إليها بعضنا وقال: يا هذه احتسبي مصيبتك عند الله فقالت: وما ذاك؟ أمات ابني؟ قلنا: نعم، قالت: أحق ما تقولون؟ قلنا: نعم، فمدت يدها إلى الله تعالى فقالت: اللهمّ إنك تعلم أنى أسلمت وهاجرت إلى رسولك رجاء أن تعينني عند كل شدة ورخاء، فلا تحملني هذه المصيبة اليوم. قال: فكشف الرجل عن وجهه وقعد، وما برحنا حتى أكلنا معه * وهذه القصة قد تقدم التنبيه عليها في دلائل النبوة. وقد ذكر معجز الطوفان مع قصة العلاء بن الحضرميّ * وهذا السياق الّذي أورده شيخنا ذكر بعضه بالمعنى، وقد رواه أبو بكر ابن أبى الدنيا، والحافظ أبو بكر البيهقي من غير وجه عن صالح بن بشير المرّي - أحد زهاء البصرة وعبادها - وفي حديثه لين عن ثابت عن أنس فذكره. وفي رواية البيهقي أن أمه كانت عجوزا عمياء ثم ساقه البيهقي من طريق عيسى بن يونس عن عبد الله بن عون عن أنس كما تقدم، وسياقه أتم، وفيه أن ذلك كان بحضرة رسول الله ، وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكن فيه انقطاع بين عبد الله بن عون وأنس والله أعلم.

[قصة أخرى]

قال الحسن بن عرفة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبى خالد عن أبى سبرة النخعي قال: أقبل رجل من اليمن، فلما كان في بعض الطريق نفق حماره فقام وتوضأ ثم صلّى ركعتين ثم قال: اللهمّ إني جئت من المدينة مجاهدا في سبيلك وابتغاء مرضاتك، وأنا أشهد أنك تحيى الموتى وتبعث من في القبور، لا تجعل لأحد عليّ اليوم منة، أطلب إليك اليوم أن تبعث حماري، فقام الحمار ينفض أذنيه. قال البيهقي: هذا إسناد صحيح، ومثل هذا يكون كرامة لصاحب الشريعة. قال البيهقي: وكذلك رواه محمد بن يحيى الذهلي عن محمد بن عبيد عن إسماعيل بن أبى خالد عن الشعبي وكأنه عند إسماعيل من الوجهين. والله أعلم * قلت: كذلك رواه ابن أبى الدنيا من طريق إسماعيل عن الشعبي فذكره قال الشعبي: فأنا رأيت الحمار بيع أو يباع في الكناسة - يعنى بالكوفة - وقد أوردها ابن أبى الدنيا من وجه آخر، وأن ذلك كان في زمن عمر بن الخطاب، وقد قال بعض قومه في ذلك:

ومنا الّذي أحيى الإله حماره … وقد مات منه كل عضو ومفصل

وأما قصة زيد بن خارجة وكلامه بعد الموت وشهادته للنّبيّ ولأبى بكر وعمر وعثمان بالصدق فمشهورة مروية من وجوه كثيرة صحيحة. قال البخاري في التاريخ الكبير: زيد بن خارجة الخزرجي الأنصاري شهد بدرا وتوفى في زمن عثمان، وهو الّذي تكلم بعد الموت * وروى الحاكم في مستدركه

<<  <  ج: ص:  >  >>