للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيديهم وأرجلهم وألقاهم في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا ولم يحمهم وفي رواية عن أنس قال فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه من العطش. قال أبو قلابة فهؤلاء قتلوا وسرقوا وكفروا بعد ايمانهم وحاربوا الله ورسوله . وقد

روى البيهقي من طريق عثمان بن أبى شيبة عن عبد الرحمن بن سليمان عن محمد بن عبيد الله عن أبى الزبير عن جابر أن رسول الله لما بعث في آثارهم قال «اللهمّ عمّ عليهم الطريق، واجعلها عليهم أضيق من مسك جمل قال فعمّى الله عليهم السبيل فأدركوا فأنى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم. وفي صحيح مسلم انما سملهم لانهم سملوا أعين الرعاء

[فصل فيما وقع من الحوادث في هذه السنة]

أعنى سنة ست من الهجرة فيها نزل فرض الحج كما قرره الشافعيّ زمن الحديبيّة في قوله تعالى ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾ ولهذا ذهب الى أن الحج على التراخي لا على الفور، لأنه لم يحج إلا في سنة عشر. وخالفه الثلاثة مالك وأبو حنيفة وأحمد فعندهم أن الحج يجب على كل من استطاعة على الفور، ومنعوا أن يكون الوجوب مستفادا من قوله تعالى ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾ وإنما في هذه الآية الأمر بالإتمام بعد الشروع فقط، واستدلوا بأدلة قد أوردنا كثيرا منها عند تفسير هذه الآية من كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة بما فيه كفاية وفي هذه السنة حرّمت المسلمات على المشركين تخصيصا لعموم ما وقع به الصلح عام الحديبيّة على أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته علينا، فنزل قوله تعالى ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ، فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ الآية وفي هذه السنة كانت غزوة المريسيع التي كان فيها قصة الافك ونزول براءة أم المؤمنين عائشة كما تقدم وفيها كانت عمرة الحديبيّة وما كان من صدّ المشركين رسول الله وكيف وقع الصلح بينهم على وضع الحرب بينهم عشر سنين، فأمن الناس فيهنّ بعضهم بعضا، وعلى أنه لا إغلال ولا إسلال. وقد تقدم كل ذلك مبسوطا في أماكنه ولله الحمد والمنة. وولى الحج في هذه السنة المشركون قال الواقدي وفيها في ذي الحجة منها بعث رسول الله ستة نفر مصطحبين حاطب بن أبى بلتعة الى المقوقس صاحب الاسكندرية وشجاع بن وهب بن أسد بن جذيمة شهد بدرا الى الحارث بن أبى شمر الغساني يعنى ملك عرب الناصري، ورضية بن خليفة الكلبي الى قيصر وهو هرقل ملك الروم، وعبد الله بن حذافة السهمي الى كسرى ملك الفرس، وسليط بن عمرو العامري الى هوذة ابن على الحنفي، وعمير بن أمية الضمريّ الى النجاشي ملك النصارى بالحبشة وهو أصحمه ابن الحرّ

<<  <  ج: ص:  >  >>