للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَذَلِكَ مَا كُنَّا نُرَجِّي وَنَرْتَجِي ... لِحَمْزَةَ يَوْمَ الحشر خير مصير

فو الله لَا أَنْسَاكَ مَا هَبَّتِ الصَّبَا ... بُكَاءً وَحُزْنًا مَحْضَرِي وَمَسِيرِي

عَلَى أَسَدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ مِدْرَهَا ... يَذُودُ عَنِ الْإِسْلَامِ كُلَّ كَفُورِ

فَيَا لَيْتَ شِلْوِي عِنْدَ ذَاكَ وَأَعْظُمِي ... لَدَى أَضْبُعٍ تَعْتَادُنِي وَنُسُورِ

أَقُولُ وَقَدْ أَعْلَى النَّعِيُّ عَشِيرَتِي ... جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ أَخٍ وَنَصِيرِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَتْ نُعْمُ امْرَأَةُ شَمَّاسِ بْنِ عثمان تبكى زوجها والله أعلم وللَّه الحمد والمنة:

يَا عَيْنُ جُودِي بِفَيْضٍ غَيْرَ إِبْسَاسٍ ... عَلَى كِرِيمٍ مِنَ الْفِتْيَانِ لَبَّاسِ

صَعْبِ الْبَدِيهَةِ مَيْمُونٍ نَقِيبَتُهُ ... حَمَّالِ أَلْوِيَةٍ رَكَّابِ أَفْرَاسِ

أَقُولُ لَمَّا أَتَى النَّاعِي لَهُ جَزَعًا ... أَوْدَى الْجَوَادُ وَأَوْدَى الْمُطْعِمُ الْكَاسِي

وَقُلْتُ لَمَّا خَلَتْ مِنْهُ مَجَالِسُهُ ... لَا يُبْعِدُ اللَّهُ مِنَّا قُرْبَ شَمَّاسِ

قَالَ فَأَجَابَهَا أَخُوهَا الْحَكَمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ يُعَزِّيهَا فَقَالَ:

اقْنَيْ حَيَاءَكِ فِي سِتْرٍ وَفِي كَرَمٍ ... فَإِنَّمَا كَانَ شَمَّاسٌ مِنَ النَّاسِ

لَا تَقْتُلِي النَّفْسَ إِذْ حَانَتْ مَنِيَّتُهُ ... فِي طَاعَةِ اللَّهِ يَوْمَ الرَّوْعِ وَالِبَاسِ

قَدْ كَانَ حَمْزَةُ لَيْثُ اللَّهِ فَاصْطَبِرِي ... فَذَاقَ يَوْمَئِذٍ مِنْ كَأْسِ شَمَّاسِ

وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ رَجَعُوا مِنْ أُحُدٍ:

رَجَعْتُ وَفِي نَفْسِي بَلَابِلُ جَمَّةٌ ... وَقَدْ فَاتَنِي بَعْضُ الَّذِي كَانَ مَطْلَبِي

مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ ... بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمْ وَمِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ

وَلَكِنَّنِي قَدْ نِلْتُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ ... كَمَا كُنْتُ أَرْجُو فِي مَسِيرِي وَمَرْكَبِي

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا أَشْعَارًا كَثِيرَةً تَرَكْنَا كَثِيرًا مِنْهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ وَخَوْفَ الْمَلَالَةِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وللَّه الْحَمْدُ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْأَمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ مِنَ الْأَشْعَارِ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ وَلَا سِيَّمَا هَاهُنَا فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ: أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ فاللَّه أَعْلَمُ:

طَاوَعُوا الشَّيْطَانَ إِذْ أَخْزَاهُمُ ... فَاسْتَبَانَ الْخِزْيُ فِيهِمْ وَالْفَشَلْ

حِينَ صَاحُوا صَيْحَةً وَاحِدَةً ... مَعَ أَبِي سُفْيَانَ قَالُوا اعْلُ هُبَلْ

فَأَجَبْنَاهُمْ جَمِيعًا كُلُّنَا ... رَبُّنَا الرَّحْمَنُ أَعْلَى وَأَجَلُّ

اثبتوا تستعملوها مُرَّةً ... مِنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ وَالْمَوْتُ نَهَلْ

وَاعْلَمُوا أنا إذا ما نضحت ... عن خيال الْمَوْتِ قِدْرٌ تَشْتَعِلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>