الْخُطْبَةُ بِبَغْدَادَ، وَجَرَتْ فِتَنٌ طَوِيلَةٌ. وَفِيهَا تَزَوَّجَ السلطان مسعود بسفري بِنْتَ دُبَيْسِ بْنِ صَدَقَةَ وَزُيِّنَتْ بَغْدَادُ لِذَلِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَسَادٌ عَرِيضٌ طَوِيلٌ مُنْتَشِرٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ فَزُيِّنَتْ بَغْدَادُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَيْضًا. وفيها ولد للسلطان الناصر صلاح يوسف بن أيوب ابن شارى بقلعة تكريت.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
أَحْمَدُ بْنُ محمد
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الدينَوَريّ الْحَنْبَلِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيِّ وأفتى ودرس وناظر، كان أسعد الميهنى يقول عنه: مَا اعْتَرَضَ أَبُو بَكْرٍ الدينَوَريّ عَلَى دَلِيلِ أحد إلا ثلمه، وقد تخرج به ابن الجوزي وأنشد:
تمنيت أن يمسى فقيها مناظرا ... بغير عياء والجنون فُنُونُ
وَلَيْسَ اكْتِسَابُ الْمَالِ دُونَ مَشَقَّةٍ ... تَلَقَّيْتَهَا، فَالْعِلْمُ كَيْفَ يَكُونُ؟
عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ الكريم
ابن هَوَازِنَ، أَبُو الْمُظَفَّرِ الْقُشَيْرِيُّ، آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، سَمِعَ أَبَاهُ وَأَبَا بَكْرٍ الْبَيْهَقِيَّ وَغَيْرَهُمَا، وَسَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَأَجَازَ ابْنَ الْجَوْزِيِّ، وَقَارَبَ التِّسْعِينَ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ
ابن محمد بن عمر، أبو الحسن الكرخي، سَمِعَ الْكَثِيرَ فِي بِلَادٍ شَتَّى، وَكَانَ فَقِيهًا مفتيا، تفقه بأبي إسحاق وغيره من الشافعية، وكان شَاعِرًا فَصِيحًا، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الْفُصُولُ فِي اعْتِقَادِ الْأَئِمَّةِ الْفُحُولِ، يَذْكُرُ فِيهِ مَذَاهِبَ السَّلَفِ فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ، وَيَحْكِي فِيهِ أَشْيَاءَ غَرِيبَةً حَسَنَةً، وَلَهُ تَفْسِيرٌ وَكِتَابٌ فِي الْفِقْهِ، وَكَانَ لَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ، وَيَقُولُ: لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ، وَقَدْ كَانَ إِمَامُنَا الشافعيّ يقول: إذا صح الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي الْحَائِطَ. وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ، ومن شعره قوله:
تَنَاءَتْ دَارُهُ عَنِّي وَلَكِنْ ... خَيَالُ جَمَالِهِ فِي الْقَلْبِ سَاكِنْ
إِذَا امْتَلَأَ الْفُؤَادُ بِهِ فَمَاذَا ... يضر إذا خلت منه الأماكن
توفى وقد قارب التسعين.
[الخليفة الراشد]
منصور بن المسترشد، قتل بأصبهان بَعْدَ مَرَضٍ أَصَابَهُ، فَقِيلَ إِنَّهُ سُمَّ، وَقِيلَ قَتَلَتْهُ الْبَاطِنِيَّةُ، وَقِيلَ قَتَلَهُ الْفَرَّاشُونَ الَّذِينَ كَانُوا يَلُونَ أَمْرَهُ فاللَّه أَعْلَمُ. وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصُّولِيِّ أَنَّهُ قَالَ النَّاسُ يَقُولُونَ كُلُّ سَادِسٍ يَقُومُ بِأَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَا بُدَّ أَنْ يُخْلَعَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ:
فَتَأَمَّلْتُ ذَلِكَ فَرَأَيْتُهُ عَجَبًا قيام رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ على ثم الحسن فخلعه معاوية