الشيطان؟ فقال: إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر. وقال سفيان: سئل الزهري عن الزاهد فقال: من لم يمنع الحلال شكره، ولم يغلب الحرام صبره. وقال سفيان: قالوا للزهري: لو أنك الآن في آخر عمرك أقمت بالمدينة، فقعدت إلى مسجد رسول الله ﷺ، ودرجت وجلسنا إلى عمود من أعمدته فذكرت الناس وعلمتهم؟ فقال: لو أنى فعلت ذلك لوطئ عقبى، ولا ينبغي لي أن أفعل ذلك حتى أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة. وكان الزهري يحدث أنه هلك في جبال بيت المقدس بضعة وعشرون نبيا، ماتوا من الجوع والعمل. كانوا لا يأكلون إلا ما عرفوا، ولا يلبسون إلا ما عرفوا وكان يقول: العبادة هي الورع والزهد، والعلم هو الحسنة، والصبر هو احتمال المكاره، والدعوة إلى الله على العمل الصالح] (١)
[وممن توفى في خلافة هشام بن عبد الملك كما أورده ابن عساكر]
[بلال بن سعد]
ابن تميم السكونيّ أبو عمرو، وكان من الزهاد الكبار، والعباد الصوام القوام، روى عن أبيه وكان أبوه له صحبة، وعن جابر وابن عمر وأبى الدرداء وغيرهم، وعنه جماعات منهم أبو عمرو الأوزاعي وكان الأوزاعي يكتب عنه ما يقوله من الفوائد العظيمة في قصصه ووعظه، وقال: ما رأيت واعظا قط مثله. وقال أيضا: ما بلغني عن أحد من العبادة ما بلغني عنه، كان يصلى في اليوم والليلة ألف ركعة. وقال غيره وهو الأصمعي: كان إذا نعس في ليل الشتاء ألقى نفسه في ثيابه في البركة، فعاتبه بعض أصحابه في ذلك فقال: إن ماء البركة أهون من عذاب جهنم. وقال الوليد بن مسلم: كان إذا كبر في المحراب سمعوا تكبيره من الأوزاع. قلت: وهي خارج باب الفراديس. وقال أحمد بن عبد الله العجليّ: هو شامي تابعي ثقة. وقال أبو زرعة الدمشقيّ: كان أحد العلماء قاصا حسن القصص، وقد اتهمه رجاء بن حيوة بالقدر حتى قال بلال يوما في وعظه: رب مسرور مغرور، ورب مغرور لا يشعر، فويل لمن له الويل وهو لا يشعر، يأكل ويشرب، ويضحك، وقد حق عليه في قضاء الله أنه من أهل النار، فيا ويل لك روحا، يا ويل لك جسدا، فلتبك ولتبك عليك البواكي لطول الأبد.
وقد ساق ابن عساكر شيئا حسنا من كلامه في مواعظه البليغة، فمن ذلك قوله: والله لكفى به ذنبا أن الله يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها، زاهدكم راغب، وعالمكم جاهل، ومجتهدكم مقصر.
وقال أيضا: أخ لك كلما لقيك ذكرك بنصيبك من الله، وأخبرك بعيب فيك، أحب إليك، وخير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارا. وقال أيضا: لا تكن وليا لله في العلانية وعدوه في السر ولا تكن عدو إبليس والنفس والشهوات في العلانية وصديقهم في السر، ولا تكن ذا وجهين وذا لسانين