للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَأَلْتُ عَامِرًا فَقَالَ:

إِنِّي وَجَدْتُ الْمَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ ... إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ

وَسَأَلَتْ بِلَالًا فَقَالَ:

يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِفَخٍّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْهُ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: «اللَّهمّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهمّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَفِي مُدِّهَا، وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إِلَى مَهْيَعَةَ» وَهِيَ الْجُحْفَةُ فِيمَا زَعَمُوا وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ بِهِ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْهَا مِثْلَهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو. قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ثَنَا يونس بن بكير عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، وَوَادِيهَا بُطْحَانُ نَجْلٌ. قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ وَبَاؤُهَا مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ إذا كان الوادي وبيئا فأشرف عليها الْإِنْسَانُ قِيلَ لَهُ أَنْ يَنْهَقَ نَهِيقَ الْحِمَارِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ وَبَاءُ ذَلِكَ الْوَادِي. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى المدينة:

لعمري لئن عبرت من خيفة الردى ... نهق الْحِمَارِ إِنَّنِي لَجَزُوعُ

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ- وَهِيَ الْجُحْفَةُ فأولتها أن وباء المدينة نقل الى مهيعة- وهي الجحفة-» هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ. قَالَ هِشَامٌ: فَكَانَ الْمَوْلُودُ يُولَدُ بِالْجُحْفَةِ فَلَا يَبْلُغُ الحلم حتى تصرعه الحمى. ورواه الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ. وَقَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ، فَأَصَابَ أَصْحَابَهُ بها بَلَاءٌ وَسَقَمٌ حَتَّى أَجْهَدَهُمْ ذَلِكَ، وَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ- يَعْنِي مَكَّةَ- عَامَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ قَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أن يرملوا الأشواط كلها إلا الا بقاء عَلَيْهِمْ.

قُلْتُ: وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ كَانَتْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تأخر دعاؤه عليه السلام بِنَقْلِ الْوَبَاءِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ رُفِعَ وَبَقِيَ آثَارٌ مِنْهُ قَلِيلٌ، أَوْ أنهم بقوا في خمار وما كَانَ أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ زِيَادٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>