إلى الخاص والعام، وأمره له بالصبر والاحتمال والاعراض عن الجاهلين المعاندين المكذبين بعد قيام الحجة عليهم، وإرسال الرسول الأعظم اليهم وذكر ما لقي من الاذية منهم هو وأصحابه ﵃ قال الله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ، * وَاِخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ﴾ أي أن الّذي فرض عليك وأوجب عليك بتبليغ القرآن لرادك إلى دار الآخرة وهي المعاد، فيسألك عن ذلك كما قال تعالى: ﴿فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا. وقد تقصينا الكلام على ذلك في كتابنا التفسير، وبسطنا من القول في ذلك عند قوله تعالى في سورة الشعراء ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾. وأوردنا أحاديث جمة في ذلك، فمن ذلك.
قال الامام أحمد: حدثنا عبد الله ابن نمير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أنزل الله ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ أتى النبي ﷺ الصفا فصعد عليه ثم نادى: «يا صباحاه» فاجتمع الناس اليه بين رجل يجبئ اليه وبين رجل يبعث رسوله. فقال رسول الله ﷺ:«يا بنى عبد المطلب يا بنى فهر، يا بنى كعب أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني؟» قالوا نعم! قال: «فانى نذير لكم بين يدي عذاب شديد» فقال أبو لهب - لعنه الله - تبا لك سائر اليوم أما دعوتنا إلا لهذا؟ وأنزل الله ﷿ ﴿تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ وأخرجاه من حديث الأعمش به نحوه.
وقال احمد حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة حدثنا عبد المطلب بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبى هريرة. قال: لما نزلت هذه الآية ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ دعا رسول الله ﷺ قريشا فعم وخص. فقال:«يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بنى كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بنى هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بنى عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذى نفسك من النار، فانى والله لا أملك لكم من الله شيئا إلا أن لكم رحما سأبلها ببلائها» ورواه مسلم من حديث عبد الملك بن عمير، وأخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة عن أبى هريرة، وله طرق أخر عن أبى هريرة في مسند أحمد وغيره.
وقال احمد أيضا حدثنا وكيع بن هشام عن أبيه عن عائشة