للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا كِتَابُ الُفَصِيحِ ... بَكُلِّ لَفْظٍ مَلِيحِ

وَهَبْتُهُ لَكَ طَوْعًا ... كَمَا وَهَبْتُكَ رُوحِي

الْحَسَنُ بْنُ أحمد

ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بن حرب بن مهران الْبَزَّازُ، أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ ثقة صدوقا، جاء يَوْمًا شَابٌّ غَرِيبٌ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْمَنَامِ فَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بن شاذان فسلم عليه وأقره مِنِّي السَّلَامَ. ثُمَّ انْصَرَفَ الشَّابُّ فَبَكَى الشَّيْخُ وَقَالَ: مَا أَعْلَمُ لِي عَمَلًا أَسْتَحِقُّ بِهِ هذا غير صبري على سماع الْحَدِيثِ، وَصَلَاتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا ذُكِرَ. ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا فِي محرمها، عَنْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَدُفِنَ بِبَابِ الدَّيْرِ.

[الحسن بن عثمان]

ابن أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَوْرَةَ، أَبُو عُمَرَ الواعظ المعروف بابن الغلو، سمع الحديث عن جَمَاعَةٍ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ يَعِظُ، وَلَهُ بلاغة، وفيه كرم، وأمر بمعروف ونهى عن منكر، ومن شعره قوله:

دَخَلْتُ عَلَى السُّلْطَانِ فِي دَارِ عِزِّهِ ... بِفَقْرٍ وَلَمْ أُجْلِبْ بَخِيلٍ وَلَا رَجْلِ

وَقُلْتُ: انْظُرُوا مَا بَيْنَ فَقْرِي وَمُلْكِكُمْ ... بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الولاية والعزل

توفى في صفر منها وقد قارب الثمانين، ودفن بمقبرة حرب إلى جانب ابن السماك رحمهما الله.

[ثم دخلت سنة سبع وعشرين وأربعمائة]

في المحرم منها تكاملت قنطرة عيسى التي كانت سقطت، وكان الّذي ولى مشارفة الإنفاق عليها الشيخ أبو الحسين القدوري الحنفي، وفي المحرم وما بَعْدَهُ تَفَاقَمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَكَبَسُوا الدُّورَ وَتَزَايَدَ شرهم جدا.

وفيها توفى صاحب مصر الظاهر أبو الحسن على بن الحاكم الْفَاطِمِيِّ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْمُسْتَنْصِرُ وَعُمُرُهُ سَبْعُ سِنِينَ، وَاسْمُهُ مَعَدٌّ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو تَمِيمٍ، وَتَكَفَّلَ بِأَعْبَاءِ الْمَمْلَكَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأَفْضَلُ أَمِيرُ الْجُيُوشِ، وَاسْمُهُ بَدْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَمَالِيُّ، وكان الظاهر هذا قَدِ اسْتَوْزَرَ الصَّاحِبَ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الْجَرْجَرَائِيَّ، وَكَانَ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ، فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، فَاسْتَمَرَّ فِي الْوِزَارَةِ مُدَّةَ وِلَايَةِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ لِوَلَدِهِ الْمُسْتَنْصِرِ، حَتَّى تُوُفِّيَ الْوَزِيرُ الْجَرْجَرَائِيُّ الْمَذْكُورُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ قَدْ سَلَكَ فِي وِزَارَتِهِ الْعِفَّةَ الْعَظِيمَةَ، وَكَانَ الَّذِي يُعَلِّمُ عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُضَاعِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ الشِّهَابِ، وَكَانَتْ علامته الحمد للَّه شكرا لنعمه، وَكَانَ الَّذِي قَطَعَ يَدَيْهِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ الْحَاكِمُ، لجناية ظَهَرَتْ مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ سَنَةَ تِسْعٍ، فَلَمَّا فقد الحاكم فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى عشرة، تَنَقَّلَتْ بِالْجَرْجَرَائِيِّ الْمَذْكُورِ الْأَحْوَالُ حَتَّى اسْتَوْزَرَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ هَجَاهُ بَعْضُ الشعراء

<<  <  ج: ص:  >  >>